in

شيخ الحارة – حرافيش القاهرة

اخر شيخ حارة

كان الشيخ طه شيخ الحارة الاخير الذي عرفته وقد عرف بأنه هو شيخ الحارة لقسم عابدين برغم انتهاء عصر مشايخ الحارات قبل رحيلة من الدنيا.

فعندما نظم محمد علي مدينة القاهرة قسمها الي ثمانية اقسام جعل في كل قسم منها مركزا للبوليس او (قره قول). وكان ميدان القلعة يسمي قرة ميدان. وقد فهم بعض الاساتذة المحدثين ان كلمة قرة التركية معناها اسود وان قرة ميدان اي الميدان الاسود وهي ترجمه حرفية ساذجة.

لان ميدان القلعة كان تجمع العساكر الذين يلبسون فوق رءوسهم القبلق الاسود وهو غطاء الراس المصنوع من الفرو الاسود وكان مركز البوليس يضم طابورا من هؤلاء العساكر او قوم من الجند.

وقد حرفت كلمة قره قول الي كلمة كركون كما كان يطلق علي مركز البوليس اسم التمن، لان القاهرة كان بها ثمانية اقسام وفي كل قسم ثمن.

وكان لكل قسم من هذه الاقسام شيخ كانوا يطلقون عليه اسم شيخ الثمن، ولكن لقب شيخ الحارة كان لقبا قديما جدا منذ كانت القاهرة (والحارة هي حي كامل كانت تعيش فية طائفة متجانسة من الناس او قبيلة من القبائل التي جاءت مع المعز من المغرب واشهرها قبيلة زويلة ومازال بابها من اشهر ابواب القاهرة).

وعندما هدم نابليون ابواب الحارات في القاهرة قامت الثورة. ووصف الجبرتي عملية خلع هذه الابواب وصفا مأساويا، ذكر ان عساكر الفرنسيين خلعوها وجمعوا اخشابها عند بركة الازبكية حتي اصبحت اكواما هائلة من الاخشاب.

وكانت ابواب الحارات هي الوسيلة العملية في حماية امن القاهرة من هجمات المنسر وهي عصابات تهاجم البيوت والدكاكين للسرقة وعلي راس كل عصابة شيخ يسمونه شيخ المنسر اي زعيم العصابة. وكان اغلاق ابواب الحارات بعد العشاء وحتي مطلع الفجر من دواعي الامن في هذه الحارات.

اهمية شيخ الحارة في العصر القديم

وكان لمشايخ الحارات اهمية كبيرة في عصر محمد علي. فعندما اراد الباشا اختيار بعض الصبيان لتعليمهم الصناعات الحديثة في دار الصناعة اصدر امرا لمشايخ الحارات الثمانية باختيار ثمانين ولدا في سن الثامنة لتعليمهم القراءة والكتابة والصناعة. وقام كل شيخ حارة بإحضار عشرة اولاد في هذه السن الي القلعة واختبر محمد علي بنفسه ذكاءهم وقبل منهم الاولاد الذين راي فيهم النجابة. فكانوا نواة عمال الصناعات الحديثة في هذا العصر وقرر ان يكون تعليمهم وكسوتهم وطعامهم علي حساب ديوان وان يصرف لكل ولد منهم قرشين في اليوم كمصروف خاص له.

وتكررت حكاية الثمانين ولدا الذين يعدون لبناء الدولة الحديثة في مجالات الصناعة واطلق عليهم محمد علي اسم اشراقات. وظلت كلمة اشراق مستخدمة حتي عهد قريب وهي كلمة كانت تطلق علي الصبي الذي يلحق بعمل من الاعمال لتعلم الحرفة من اعمال المطبعة الاميرية او غيرها من مطابع الحكومة.

وكانت شخصية الشيخ طه فريدة من نوعها فكان يرتدي الجلباب وفوقه المعاطف ثم يكملون الصورة بلبس الطرابيش فلا هم افندية ولا هم ابناء بلد. ولقد ابتكر الشيخ طه ما يميزه حين يراه اي انسان فقد ركب سنا ذهبية في فك اسنانه بحيث تكون ظاهرة وكنت لا تراه إلا مبتسما حتي في احلك المواقف حتي تظهر هذه السنه. لذلك اشتهر بين المشايخ الحارات بانه ابو سنه دهب.

وكان يعجبه ان تمدح شهامته وهمته في تخليص المشاكل في القسم لكنه كان زي المنشار طالع واكل نازل واكل فهو لا ينهي امرا إلا بالفلوس واشتهر بقول (اخلص تخلص) .وكان متوسط الطول والعرض وسريع الحركة دائم النشاط في الليل والنهار. وكان اصحاب الحاجات من الرجال والنساء يجدونه دائما امامهم ليحل مشاكلهم عند الحكومة (تجنيد، مخالفات، حجوزات، قرارات هدم للبيوت، ضمان، تسجيل عقود، بيع، رخص  وغيرها)، فهو يتعامل مع كل شئ له صله بالحكومة وهو مندوب الحكومة عند اهالي الحي.

ثم انتهت دولة الشيخ طه لتحل محلها دولة اخري، فهذا حال الدنيا.

حرافيش القاهرة /عبد المنعم شميس

بقلم Nihal Mustafa

Report

اخبرنا برأيك ؟

200 نقاط
Upvote

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *