in

مراجعة فيلم A clockwork Orange البرتقالة الآلية 1971

البرتقالة الآلية (بالإنجليزية: A clockwork Orange) هو فيلم خيال علمي وجريمة بريطاني لعام 1971 من إخراج وإنتاج وسيناريو ستانلي كوبريك، مبني على الرواية التي تحمل نفس الاسم للكاتب أنتوني برجيس.

الفيلم يعرض مشاهد مزعجة من العنف الجنسي والجسدي تسلط الضوء على الطب النفسي وجرائم المراهقين والعصابات ومواضيع اقتصادية وسياسية واجتماعية أخرى في نسخة ديستوبيا عن بريطانيا. ترشح لأربع جوائز اوسكار. صنفه معهد السينما الأمريكي في المرتبة 46 ضمن قائمة أعظم 100 فيلم أمريكي على مر العصور.

حينما صدرت رواية «البرتقالة الآلية» للكاتب البريطاني أنتوني برجيس، أحدثت يومها الكثير من الجدل، بوصفها مقطوعة هجائية بائسة، عامرة بالعنف الجسدي والجنسي، الذي دعا المخرج الاميركي ستانلي كوبريك الى تحويلها الى عمل سينمائي بذات الاسم عام 1971.

يقول كاتب الرواية إنه أخذ الاسم من مصطلح بريطاني تعلمه عندما كان في الملايو، وهو يستخدم بمعنى إنسان منتظم مثل الساعة أو استجابته آلية. ويذكر أن كلمة برتقالة حرَّفها البريطانيون عن كلمة Orang بالملاوية وتعني إنسان. وفي الحقيقة فان الكثير من الموضوعات في “البرتقالة الآلية” تعود الى فترة الاربعينيات وليس الخمسينيات او الستينيات، وقال برجيس أن ما ألهمه تلك الرواية هو ما حدث لزوجته الاولى التي كانت حاملا آنذاك وقد تعرضت للضرب من قبل مجموعة من الأمريكيين السكارى الساكنين في انكلترا في خلال الحرب وقد أدى ذلك الى موت الجنين.

واليوم حينما نستعيد قراءة فيلم A clockwork Orange وتلك الرواية، فإننا نتلمس مساحة العنف (الحاد) الذي ازدحم به ذلك النص الروائي وأيضا الفيلم والذي يمثل أرضية خصبة لكم من الممارسات العنيفة التي راحت تتطور، منذ مطلع السبعينيات في القرن الماضي، حتى اليوم، حيث يقترن العنف ببعد ديني تاره، وسياسي تارة اخرى.

وفي ذلك العمل، نذهب الى كم من المشهديات السينمائية (المزعجة) للعنف والجنس ضد المراهقين والعصابات في خلطة يصعب تحملها، او تحمل مفاجآت مشاهدها المتعاقبة، حيث تتصاعد مفردات العنف، حتى ليسأل المشاهد نفسه، هل يعقل أن يكون هنالك ما هو أبعد؟! ليأتي ما هو أبعد.. وأكثر توحشا.

أحداث فيلم A clockwork Orange الأساسية

تبدأ أحداث فيلم A clockwork Orange البرتقالة الآلية، ذات مساء حيث يقوم آليكس وعصابته بمهاجمة متشرد عجوز في مشهد يرسخ العنف المجاني الأرعن، حيث يقومون بالقاء العجوز المتشرد في عارضة الطريق بعد حفلة عنف، دون أدنى سبب لذلك العنف والضرب المبرح. من هناك ينتقل آلكيس (مالكولم ماكوديل) وعصابته الى مشاجرة أخرى مع عصابة بيلي بوب عدوهم اللدود، وتزدحم الشاشة بالضرب والعنف والصراخ والكلمات النابية، وفي طريق عودتهم يذهبون الى أحد الكُتَّاب في منزله، ويغتصبون زوجته، في موجة من العنف والصراع، يصاب على إثرها الكاتب بالشلل بينما تفارق زوجته الحياة وهي مضرجة بالدماء والأسئلة.. لماذا؟

هكذا هي استهلالة هذا الفيلم، عنف يولد عنفاً، وعنف أرعن غير مبرر.. مجاني.. حاد. انها شريحة ليوم من ايام -آليكس- وعصابته وما يدور في الشوارع الخلفية للمدن الكبرى.

في اليوم الثاني يتغيب آليكس عن المدرسة وخلال عودته من محل لبيع المطبوعات الموسيقية، يرجع الى البيت وبرفقته فتاتان، وهنا يتحول العنف الى مزيج بين الجنس والرعب، على أصداء موسيقى صاخبة، هي افتتاحية وليام تل الشهيرة، حيث تضج الموسيقى عنفا لتعكس الحالة النفسية للمشهد وللشخصيات.

بعد ذلك المشهد يرسخ «آليكس» هيمنته على أفراد عصابته، التي يحاول أفرادها العصيان، حيث يواجه العصيان بالعنف، ليزج بهم في كم من المعارك، في بدايتها الهجوم على منزل احدى البلدات التي ترفض فيها صاحبة البيت ادخالهم، وتعمل على الاتصال بالشرطة ولكن، آليكس بما يمتلك من نزق وتوحش يدخل الى المنزل من النافذة، ليعيث فسادا ويضرب السيدة حتى الموت، وهنا تنشب معركة بينه وبين أفراد عصابته، الذين يعترضون على عنفه الارعن، ما يعرضه للضرب المبرح، حتى يفقد وعيه، ويُترك الى جوار السيدة المقتولة.

وما أن يفيق، حتى يجد نفسه متورطا بجريمة القتل، حيث يحكم عليه بالسجن لمدة (14) عاما. وفي السجن تبدأ علاقته مع قسيس السجن، حيث يعمل مساعدا له ونرى آليكس يقول أنه عندما كان يقرأ الكتاب المقدس كان يستمتع بقصص ضرب قدماء اليهود لبعضهم البعض ومغامراتهم الجنسية كما كان يتخيل نفسه وهو يُعَذِّبهم وكما يقول كان يرى نفسه مسئولاً عن الجلد ودق المسامير. في هذا الجزء ومن خلال موعظة القسيس نتعرف على المحور الأساسي للفيلم وهو تعريف الصلاح وهل ينبغي أن يكون تطوعي يأتي من الداخل أو يفرض فرضا من الخارج كما سنرى لاحقا في أحداث العنف التي تعيشها الشخصيات في الفيلم، وحيث يقول القس “إن الإنسان إذا فقد القدرة على الاختيار فقد فقد إنسانيته”.

ونعتقد بأن مرحلة دخول السجن، تمثل محورا اساسيا في أهداف النص الروائي والفيلم، حيث الاشارات الواضحة لسطوة الدين وهيمنة المعتقدات، من خلال موعظة القسيس الذي يتناول موضوع تعريف الصلاح.

في السجن يسمع آليكس ببرنامج علاجي تجريبي اسمه ” علاج لودفيكو” وهو بالمناسبة الاسم اللاتيني المقابل لاسم بيتهوفن الأول ” لودفيغ”. والبرنامج شبيه بتجربة العالم الروسي بافلوف التي عرفت باسم الإشتراط الكلاسيكي. يتم اختيار آليكس لهذا العلاج من قبل وزير الداخلية شخصياً، وفي هذه التجربة العلاجية يتم الربط بين العنف وبين الشعور بالغثيان ليصبح أليكس يشعر بالغثيان عند مشاهدة أي عنف لكن بطريق الخطأ يتم الربط أيضا بين السيمفونية التاسعة لبيتهوفن والشعور الغثيان.

بعد سنوات طويلة من السجن، يخرج – آليكس- وهو غير قادر على ممارسة أي صنف من اصناف العنف وليجد اسرته تطرده من المنزل، بعد أن قامت بتأجير غرفته، ليهيم على وجهه في الشوارع، وفي المحطة الاولى يلتقي بالعجوز الذي ضربه في اول الفيلم، وهنا يقوم ذلك العجوز المتشرد بتجميع عدد من المتشردين وضرب – آليكس – ويرد له الصاع صاعين، وفي هذا إشارة إلي الصراع المستمر بين جيل الكبار وجيل الشباب أو بين العادات والقيم القديمة وتلك التي ابتدعها الشباب في حياتهم التي تتسم بالعنف والتمرد والفوضى على النظام وعلى كل ما من شأنه أن يكبح حريتهم وانطلاقهم في الحياة.

يلتقي آليكس باثنين من افراد عصابته، الذين صارا يعملان في الشرطة، وبدورهم يأخذونه الى أطراف المدينة وينهالون عليه ضربا ليتركونه في النهاية خائر القوى. وهكذا فانه يظل يُواجَه بكم من الممارسات العنيفة، بما فيها الكاتب نفسه الذي ضربه أول مرة وبات مشلولا، حين يذهب آليكس إلى أقرب منزل وهو بالمصادفة منزل الكاتب الذي اعتدى عليه سابقاً. يحسن الكاتب ضيافة آليكس حتى يكتشف هويته ويعرف أنه أيضا لا يستطيع تحمل السيمفونية التاسعة فيقوم بحبسه في إحدى الغرف ويسمعه موسيقى بيتهوفن ولكي يتخلص إليكس من عذابه يقفز من النافذة في محاولة انتحار فاشلة ينقل على أثرها إلى المستشفى حيث تتم عملية عاكسة لعلاج لودفيكو ويعود آليكس لطبيعته ويتلقى زيارة خاصة من وزير الداخلية يعتذر له فيها ويعرض له عمل في الحكومة لتحسين صورتها وكأنه يراد له أن يظل محافظا على ايقاع العنف بداخله.

فيلم A clockwork Orange والرقابة

عُرض الفيلم في أمريكا بالتصنيف X، (تصنيف الأفلام الإباحية) لكن كوبريك عاد وحذف 30 ثانية من الفيلم ليحصل على تصنيف R ليعاد طرحه في العام 1973 والجدير بالذكر إن النسخ المتداولة الآن هي التي تحمل التصنيف X. كما أن مكتب السينما والبث الإذاعي التابع لمجلس الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة منحه تصنيف C وهو الحرف الأول من كلمة مدان لمحتواه الجنسي الفاضح والعنيف أيضاً. أما في المملكة المتحدة (دولة الفيلم) فقد سُحب الفيلم من السوق البريطانية بسبب تأثيره السلبي على الشباب وتقليدهم الجرائم وأعمال العنف التي ارتكبت في الفيلم، ويقال بسبب تهديد لكوبريك وعائلته. ثم أعيد طرح الفيلم في العام 2000 بعد وفاة كوبريك.

ترشح الفيلم لأربع جوائز أوسكار عن الفئات التالية: أفضل مونتاج، أفضل سيناريو مقتبس، أفضل إخراج وأفضل فيلم وخسرها كلها لصالح فيلم الاتصال الفرنسي.

أبرز الفروقات بين الكتاب والفيلم :
لا يصور الفيلم الفصل الأخير من الكتاب وفيه يختار آليكس أن يصبح إنسانا صالحا طواعية، ويعود السبب في ذلك أن كوبريك كتب السيناريو بناء على النسخة الأمريكية من الرواية وهي لا تحتوي على الفصل المذكور.
كان عمر آليكس في الكتاب 15 سنة، لكنه في الفيلم حوالي 18 سنة.
في الكتاب يعتدي آليكس على أمين مكتبة وهذا لا يحدث في الفيلم.
في الكتاب لا يلتقي آليكس بالمتشرد بعد خروجه من السجن لكنه يلتقي بأمين المكتبة الذي يعتدي عليه مع مجموعة من العجائز.
في الكتاب يغتصب آليكس فتاتين في سن العشر سنوات لكن في الفيلم يمارس الجنس مع فتاتين عمرهما يقترب من ال 17 سنة.

تعقيب علي فيلم A clockwork Orange

فيلم A clockwork Orange هو نموذج، بين أفلام العنف، بل إن هناك مشاهد لايمكن تحملها، ما دفع المخرج ستانلي كوبريك الى حذف اكثر من (30) ثانية من الفيلم لقسوة المشاهد سواء تلك الخاصة بالعنف الجسدي او الجنسي او حتى الفكري.

خلف هذا العمل الكبير يقف، كما أسلفنا المخرج الراحل ستانلي كوبريك (1928-1999) والذي يعد أهم صناع السينما العالمية ومن ابرز افلامه القتل 1956، وسبارتاكوس 1960، ولوليتا 1962، واوديسا الفضاء 1968، والبرتقاله الآلية 1971 وذا شاننيغ 1980 وفل ميتل جاكيت 1986، وآخر أعماله كان فيلم عيون مغلقة باتساع 1999.

كما نشير الى أن الفيلم ترشح لعدة جوائز أوسكار من بينها افضل مونتاج وسيناريو مقتبس واخراج وفيلم، ولكنه لم يفز باي منها، لأن مزاج أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية في لوس انجلوس كان معترضا على العنف الذي ازدحم به الفيلم.

العنف في فيلم – البرتقالة الآلية – هو عنف الشارع والمنزل وأيضا الفكر الديني المتطرف وهو أيضا عنف المؤسسة السياسية في معالجة مفردات العنف والتطرف، ما يولد العنف المضاد.

وفي الفيلم كم من المَشاهد التي تجعلنا نُصَاب بالغثيان.. والاعياء.. والتعب.. ولربما عدم المقدرة على متابعة أحداث الفيلم التي تقود المُشاهد من عنف الى عنف آخر أكثر حدة وتشوه مقرونا بممارسات وموسيقى تجعل المُشاهد يتساءل: لماذا ؟! ونحن نقول بدورنا : انه عنف السينما وانه انعكاس لعنف الواقع الذي نعيشه !

Report

اخبرنا برأيك ؟

200 نقاط
Upvote

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *