فى عام ١٨٨٢ هاجر بائع الحبوب الثرى افرايم ميشيل آرونسون و قرينته مالكا مع ابنهما آرون من بلدة باكاو فى رومانيا إلى فلسطين و أسسا مستوطنة ضمت بقايا اليهود القادمين من رومانيا و أوروبا الشرقية و الولايات المتحدة الامريكية، و أسموها بإسم زمارين لقربها من قرية زمارين في مدينة حيفا الفلسطينية، وفي عام ١٨٩٠ أنجبت مالكا بنتهما ساره، وهي الخامسة من ضمن ٦ أولاد.
صار آرون مهندساً زراعياً في أعقاب دراسته للزراعة فى دولة الجمهورية الفرنسية أسفل استظهار البارون دي روتشيلد، و دشن معهد للتقنية الزراعية نهض برسم خرائط نباتية لفلسطين، بالإضافة لاعتياد أداء أبحاثه الزراعية ، و فى عام ١٩٠٦ أكتشف آرون فى مرتفعات الجليل صنف من القمح يطلق عليه Emmer أو Triticum dicoccoides و هو أقدم الأشكال المعروفة من القمح، حيث شجع ذاك اهتمام المستقصين الزراعيين و علماء الوراثة فى العالم ونتيجة لذا الإكتشاف صار آرون شخصية مشهورة نوعاً ما فى الأوساط العلمية الأمر الذي جعله يسافر بحرية إلى أوروبا والولايات المتحدة الامريكية و شمال أفريقيا والخليج تعرف خلالها على مارك سايكس و حاييم وايزمان.
لم تنهي شقيقته سارة تعليمها الرسمي، إلا أن بتحميس منه درست العديد من اللغات، حيث أتقنت العبرية و التركية و الفرنسية بجوار إجادتها للإنجليزية و اليسير من العربية، مثلما اهتمت بالهندسة الزراعية و معرفة النبات، و كانت ترافق آرون فى عدد محدود من جولاته فى فلسطين.
فى عام ١٩١٥ تزوجت سارة من حاييم ابراهام (١٨٧٩-١٩٥٤) و هو بائع أزياء بلغارى ثرىي كان يسكن فى اسطنبول تعرف عليها طوال رحتله إلى فلسطين عام ١٩١٣، عاشت معه مرحلة قصيرة فى اسطنبول وبعد المشاكل بينهما رجعت سارة إلى مستوطنة زخروف يعقوب فى كانون الأول ١٩١٥ ، و أثناء مدة زواجها و طريق عودتها أبصرت سارة قسم من العمليات العنيفة في مواجهة الأرمن فى إطار الإبادة الجماعية للأرمن ، و خشيت سارة من أن يلاقى اليهود فى فلسطين نفس مصير الأرمن فى ظل العون المالى من اليهود الصهاينة لدول التحالف في مواجهة العثمانيين وباقى دول الوسط.
اتفقت سارة و عائلتها على العمل على إمداد دول التحالف بالمعلومات عن القوات المسلحة العثمانى بواسطة شبكة تجسس أسموها NILI و هى تلخيص للعبارة العبرية التى تعنى اسرائيل الخالدة لن تكذب (نسبة إلى سفر صموئيل الاول ١٥:٢٩) ،و هى الكلمة التى اصبحت كلمة المرور للشبكة أثناء مدة وجودها، وتكونت الشبكة من والديها و أخواتها الخمسة بالإضافة لـ ٢ من أصدقاء آرون المقربين وهما أفشالوم فاينبيرج (خطيب ريفكا شقيقة آرون و مساعده) و جوزيف ليشانسكى، و كان للشبكة ٣ مقاصد أساسية هى معاونة البريطانيين على غزو فلسطين، و عمل دعايات اعلامية دولية عن وجود إخماد وكبت عثمانى لليهود ، و تدعيم الآمال الصهيونية فى معيشة وطن لليهود فى فلسطين.
فى آذار إلى تشرين الأول من عام ١٩١٥ أدى الإنتشار الزاخر للجراد فى الأراضى الزراعية فى فلسطين و أجزاء من لبنان إلى التخلص من عدد الكبير من النباتات و المحصودات، الأمر الذي حرض التوتر عند السلطات العثمانية خوفاً من قلة تواجد الإمدادات الغذائية لقواتها أثناء الموقعة، فقام روعة باشا والي جمهورية سورية و الشام بتعيين آرون ليتحمل مسئولية محاربة الجراد، و منحه بيان بالتنقل فى جميع مناطق البلاد، الأمر الذي سمح لآرون بحرية السفر والتحرك في نطاق فلسطين و لبنان و جمهورية سورية، أصبح قادرا على جمع بيانات تخطيطية عن مجموعات الجنود العثمانية فى فلسطين و ما حولها ، مثلما نهض برسم خرائط للآبار فى صحراء النقب بالإضافة لخرائط خاصة بجغرافية فلسطين و التى كان البريطانيون يعرفون اليسير عنها، وبعد أن سلم آرون البيانات و الخرائط للبريطانيين ،سلم معها رأيه الشخصي عن عبور الصحراء و الانقضاض على العثمانيين عبر بئر سبع،و هى الفكرة التى استبعدها البريطانيين فى الافتتاح لعدم معرفتهم بوجود آبار مياه فى هذه الصحراء، الي أن صارت هى الفكرة التى قام بتنفيذها الجنرال البريطانى إدموند اللنبى أثناء الاشتباكات العسكرية فى غزة و التى اختتمت بفوز البريطانيين و بداية حرب فلسطين.
بدأت شبكة NILI تحوي معها فى صفوها العديد من العملاء إلى أن بلغوا حوالى ٤٠ عميلاً ، ووقفت على قدميها فى الافتتاح بإيصال البيانات للبريطانيين بواسطة سارة عن طريق ذهابها لمكان الإستخبارات الإنجليزية فى جمهورية مصر العربية حيث لم يشك احد بها جراء كونها شقيقة آرون، إلا أن اوقفت هذا في أعقاب الانقضاض العثمانى على البريطانيين فى شبه جزيرة سيناء،ثم على يد المراسلات من محطة الدراسات الزراعية فى عتليت إلى واحدة من المراكب الإنجليزية فى البحر الأبيض المتوسط، إلا أن عقب تصاعد عدم أمان الغواصات الألمانية، تم إستعمال الحمام الزاجل،
فى عام ١٩١٦ خرج آرون من فلسطين بهدف نقل تفاصيل عن الحال للبريطانيين عن إنقضاض عثمانى على قناة السويس،فيما سافر أبوه ارونسون على ظهر باخرة دنماركية اعترضتها البحرية الإنجليزية قبالة جزر orkney و تم نقله الإقامة فى فندق فى شارع High holborn، و هناك إلتقى مارك سايكس و يليام أورمسبى-جور(اللذان كان لهما دور محورى بينما حتى الآن فى صدور نشر وترويج بلفور) وتوضيح قيمة خدمات NILI ،
فى أيلول ١٩١٧ سقطت حمامة زاجلة تحمل برقية مشفرة على بيت الوالي العثمانى في مدينة قيسارية ،و حتى تمت فك الشفرة، وعلي مدار أسبوع أعلن عن واحد من أعضاء الشبكة يطلق عليه نعمان بلكيند و الذى اعترف على باقى شخصيات الشبكة، و فى تشرين الأول ١٩١٧ تم حصار قرية زخرون يعقوب وإعتقال سارة و يوسف ليشانسكى، في الوقت الذي كان آرون حاضر بالولايات المتحدة الامريكية.
في أعقاب ٤ أيام من التقصي و الإيذاء، طلبت سارة إذن للعودة لمنزلها فى زخرون يعقوب لتجديد ملابسها الملطخة بالدماء،و اثناء ذاك انتحرت باطلاق النار على نفسها بإستعمال مسدس كان محجوب فى الحمام وماتت بعد ذلك بـ ٤ أيام، في حين حكم على ليشانسكى و بلكيند بالإعدام ،و نفذ الحكم فى ١٦ كانون الأول ١٩١٧ فى ساحة عامة ،أما أفشالوم فاينبيرج فقد قتل فى شبه جزيرة سيناء أثناء هروبه إلى جمهورية مصر العربية إلا أن عقب النكسة تم إيجاد رفاته و نقلها إلى أسرته حيث تم دفنه فى منطقة جبلية هرتزل مع منزلة الشرف العسكرية الأولى.
بدأ بهاء باشا فى إعتقال و القبض على و إقصاء اليهود الموجودين فى فلسطين، و خوفاً من أن يصدر لهم مثل ماحدث للأرمن و بضغط من المنظمات الصهيونية، تدخل جميع من بابا الفاتيكان بندكت الـخامس عشر و الجنرال الألمانى اريك فون فالكنهاين eric von falkenhayn زعيم مجموعة قوات مسلحة يلدريم التى دافعت عن فلسطين المحتلة في مواجهة الجنرال اللنبى ،و تم إنهاء أى ممارسات إزاء لليهود.
فى ١٥ أيار ١٩١٩ لقى آرون مصرعة فى حادث تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الإنجليزية فى القناة البريطانية أثناء تحركه من لندن من أجل حضور مقابلة فيرساى بناء على طلب من وايزمان.