مجلة البعكوكة
“البعكوكة جريدة عصبية، تصدر حسب التساهيل، لسان حال الغلابة اللي زيي وزيك” بهذه العبارة الساخرة، والفكاهة المستجدة فى ذلك الزمان كانت مجلة البعكوكة تخاطب قراءها، وتقدم موضوعاتها، عنوان الجريدة «شارع آنست يا نور العين، نمرة لا طلعت ولا نزلت، صاحبها مالوش دعوة بيها، قارئها مايستغناش عنها”. ظهرت مجلة البعكوكة فى ثلاثينيات القرن الماضى، كأشهر مجلة فكاهية ظهرت فى مصر بل فى الشرق كله، لتكمل سيرة مجلات ابو نظارة والتنكيت والتبكيت، وحمارة فيتى، والكشكول، والفكاهة، والعفريت واضحك والمجنون والمسامير وغيرها من صحف الفكاهة والضحك.
تلك المطبوعات التى كانت تقدم البسمة البسيطة والضحكة الساخرة كانت الملجأ الوحيد للمواطن البسيط الذى ظل يعانى ويعانى لسنوات طويلة. صدرت مجلة البعكوكة بحى المنيرة بشارع قصر العينى لصاحبها محمد عزت المفتي، وهو صاحب فكرة الاشتراك فى الصحف بالتقسيط و كان فى البداية يوزع الأعداد على المشتركين بدراجته فكان هو رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وهو أيضا كل محررى المجلة ، كان قد جمع رأسمالاً فاستهوته فكرة اصدار مجلة أسبوعية باسم «الراديو» وذلك عند انشاء الإذاعة الملكية المصرية عام 1943 وكانت حافلة بالازجال والقصص الفكاهية والخواطر وخصص داخل المجلة ملحقا صغيرا بعنوان «على كيفك».
ولما حقق هذا الملحق نجاحا ساحقا تطور وأصبح مكونا من أربع صفحات، كان يحررها طه حراز وهو من كتاب الفكاهة، وأصبح اسم الملحق “البعكوكة” ومع النجاحات المنقطعة النظير تغير اسم المجلة الأساسي ليصبح الراديو والبعكوكة ليختفى بعدها اسم الراديو ويظل اسم البعكوكة فقط. وفى تلك الفترة انضم إليها الكاتب الساخر عبد الله أحمد عبدالله الشهير بـ«ميكى ماوس»، وكان يوقع كتاباته الساخرة بـ«عفريت الراديو» بعد ذلك سميت المجلة بمجلة البعكوكة لسان حال الغلابة ونجحت المجلة ووصفها رجال الأزهر بأنها مجلة ضحك ومسخرة، فكانت مجلة العامة والخاصة، ونجوم الكوميديا فى مصر وقتئذ نجيب الريحانى، وسليمان نجيب، وعزيز عثمان، وإسماعيل يس، على الكسار، شكوكو، وعبد الفتاح القصرى ويوسف وهبى وغيرهم.
كان توزيع مجلة البعكوكة أكثر من 160 ألف نسخة أسبوعياً. وسعي المفتى بعدها فى إصدار مجلات مماثلة بعد نجاح مجلةى البعكوكة، فأصدر المضحكات والشذرات والفارس ولكن للأطفال الصغار، وكان من أبواب البعكوكة: آخر نكتة، نكتة ميني، أضحك بقى، ابتسم، فكاهات القراء ونوادرهم، مسابقة النكت ومغامرات هواش بكاش، شاعر البعكوكة، ومن شخصياتها الشهيرة أم سحلول، الشيخ بعجر، جعران بيه، الشعر الحلمنيتشى.
ظلت البعكوكة تضحك الناس وترسم البسمة على وجوههم أكثر من عشرين عاماً، حاول ميكى ماوس عبدالله أحمد عبدالله إعادة اصدار البعكوكة، فأصدر البعكوكة الجديدة ولكنها فشلت، ثم آصدر د.فكرى بطرس مجلة البعكوكة فى أمريكا أوائل التسعينيات، واستمرت المجلة عامين ثم اختفت، كذلك اصدر د.طه حسين الأستاذ بكلية الفنون مجلة «المعكوكة» لتكون حفيدة البعكوكة لكنها فشلت أيضا فلم تواكب العصر لأنها لم ترع أمزجة الناس فما كان يضحك أجدادنا زمان لم يعد بالتأكيد يضحكنا الآن بعد الإنترنت والتليفزيون.
بقلم طه محمود إسماعيل