كانت نداءات الباعة والبائعات في الجيل الماضي فنا عظيما من فنون الشعب لا من حيث الكلمات وحدها ولكن من حيث الأداء، وقد سمعت ان سيد درويش استوحي لحن (زغلول يا بلح) من طريقة أداء بائع بلح في حينا حي عابدين. وانه ذهب الي حارة السقايين عندنا ليسمع من السقايين نداءاتهم حين يدخلون البيوت وهم يحملون قرب الماء ويرددون في نغمة مميزة كلمة:
يعوض الله …يهون الله
وكان بديع خيري من سكان حي عابدين بالقرب من حارة السقايين. وهو كاتب الزجل الذي لحنه وغناه سيد درويش وكان مطلعه:
يهون الله …يعوض الله
ع السقايين دول شقانين …متعفرتين م الكوبانية
أما حكاية البلح الزغلول فقد كانت الرقابة قد حرمت اسم سعد زغلول وسمع سيد درويش وصديقه بديع خيري بائع بلح يردد في صوت معبر
يا بلح حياني …زغلول يا بلح
فكان اللحن الشهير
يا بلح زغلول … يا حليوه يا بلح
الله أكبر …عليك يا سكر
يا زرع بلدي …عليك يا وعدي
با بخت سعدي …زغلول يا بلح
وكانت لطوائف الباعة المتجولين نداءات منغمة تميزهم وقد ذكر الجبرتي عندما احتكر محمد علي زراعة الملوخية والبامية في مزارعه. كان نداء الباعة عليها في القاهرة هو ملوخية الباشا…بامية الباشا…..
ومن الطرائف التاريخية انه عندما تولي السلطان برقوق حكم مصر حرم علي الباعة النداء علي فاكهة البرقوق بهذا الاسم. فكانوا يطلقون علي البرقوق اسم الأشقر حتي انتهي عصر السلطان برقوق.
وكان باعة الصابون من الشوام يطوفون وعلي كتف الواحد منهم خرج به قطع الصابون وينادي نابلسي يا صابون. الصابون النابلسي(وكانت مدينة نابلس في فلسطين من اشهر المدن التي تصنع هذا النوع من الصابون من زيت الزيتون ). وكان في حي الموسكي وكالة اسمها وكالة الصابون ولكن بائع الصابون المتجول من اهل الشام كانت له نغمة خاصة في النداء علي بضاعته.
وهناك ايضا بائع (رعرع ايوب) الذين كانوا يظهرون في ايام شم النسيم من كل عام ويبيعون نباتا اخضر اللون عريض الاوراق وينادون عليه في لهجة سريعة قائلين رعرع أيوب وكان الناس يشترون هذا النبات ويغلونه في الماء ثم تسكب ربات البيوت هذا الماء علي سلالم البيت ليجلب الخير والسعادة لاهل البيت.
ولا ادري ما الذي جمع بين رع وبين ايوب او بين الإله الذي عبده المصريون القدماء وبين ايوب الذي ابتلاه ربه فصبر علي البلاء ولكني عرفت نبات رعرع ايوب وشاهدت طقوسه السنوية العجيبة.
ومن أشهر البائعين الذي جلجلت أصواتهم في ترنيم يشبه المواويل بائع طعمية من ابناء البلد كان نادرة من النوادر. كان هذا الرجل لا يظهر الا بعد غروب الشمس ثم يختفي بعد العشاء. كان انيقا نظيفا ويضع علي كتفه حاملا خشبيا وفوق راسه صينية من النحاس الاصفر في أعلاها صندوق زجاحي تمسكه قوائم من النحاس الاصفر ايضا وله باب يفتح ويغلق. وكان يضع الطعمية في الصينية ومعها قراطيس صغيرة بها ملح وتوابل واوراق بيضاء يصنع منها قراطيس توضع فيها اقراص الطعمية وكان نداؤه علي بضاعته في صوت غناء رخيم
الفول كله فول .. بس الرك ع الصنعة
خد مني فلافل كل منها واتهني
وكان هذا الرجل يتحدي كبار الطعمجية في حي عابدين الذي يقف علي ابواب دكاكينهم الباشوات ليشتروا منهم الطعمية التي كانت الشئ الممتع في السهرات والليالي الملاح واصبح الباشوات في القصور وابناء البلد ينتظرونه ايضا. وكانت الطعمية التي يشترونها منه زينة الموائد في ليالي الانس والطرب والصفاء ودي كانت حكاية من الزمن اللي فات
حرافيش القاهرة / عبد المنعم شميس
صح الصح أنا كنت عايز اقول كدا كملوا المقال
ياريت تبقوا تكتبوا الموضوع كامل من غير لينكات عشان متفصلوش القاريء