in

نبيل النحاس – عملاء الموساد

نبيل النحاس “جاسوس لمده ١٣ عام “

من هو نبيل النحاس ؟

تميز نبيل النحاس بطول الفتره التي ظل فيها بعيداً عن اعين المخابرات المصريه ١٣ عاماً قضاها في جمع معلومات تضر بالامن القومي و تعلم أصول الجاسوسيه حتي اصبح محترفاً في فنونها و وصل لأعلي درجات الثقه عند الموساد حتي لحظه سقوطه التي اصابتهم بالصدمه.

تمتد جذور أسرته الى بلدة حاصبيا في الجنوب اللبناني على نهر الحاصباني، انتقلت أسرة والده إلى كفر شيما في منطقة الشويفات جنوب بيروت ثم انتقلت إلى مصر حيث أقام والده بالسويس وتزوج من والدته المصرية و أنجبوا نبيل عام ١٩٣٦، تخرج من كلية التجارة جامعة القاهرة ، امتاز بالذكاء و الطموح الشديدين ،بدأ يشق طريقه في الحياة العملية بعد ان تخرج بتفوق، بدأ عمله كسكرتيراً في منظمة الشعوب الأفرو آسيوية التي كان يرأسها الأديب يوسف السباعي، كان يقوم بكتابة محاضر الجلسات والمؤتمرات عل الآلة الكاتبة، ومن خلال وظيفته توسعت علاقاته و تفرعت ،بعد فتره وجيزه بدأ نبيل ذو الشخصيه الجامحه الشعور بضآلة راتبه “المائة جنيه ” وهو مبلغ كبير جدا مقارنهً بمرتبات تلك الفترة عام ١٩٥٩، الا ان نبيل لم يكتفي فإحتياجه للمال بدأ في التصاعد و خاصه عقب ارتباطه بعلاقة عاطفيه مع فتاة إفريقية من كوناكري في غينيا اسمها “جونايدا روتي” تعمل مراسلة صحافية لعده صحف عالمية.

بدأت أحواله المالية في التعثر فإقترحت عليه صديقته أن يتقدم بطلب اجازة من عمله في المنظمة، و ينضم إلى إحدى وكالات الأنباء العالمية كمراسل حر مقابل راتب كبير مغر، وكانت أولى المهام التي أوكلت إليه السفر إلى منطقة الصحراء المغربية “ريو دي اورو ” و من “فيلا شيز نيروس” و “العيون ” يستطيع أن ينقل أخبار الصّراع الدائر بين المملكة المغربية وموريتانيا بشأن النفوذ على المنطقة المحصورة بينهما ،و بالفعل طار النحاس إلى الدار البيضاء تملاءه أحلام المغامرة والثراء السريع .

و في أحد فنادق الدار البيضاء كان علي موعد مع شخص كان سبب في تغيير مسار حياته حيث تعرف الي رجل مغربي يهودي عرض عليه مساعدته لدخول ” ريو دي اورو” عن طريق اعوان له في “سيدي أفني ” أقصي جنوب المغرب و مساعدته في اجتياز وادي درعة للوصول إلى الحدود ، و علي الفور وافق نبيل علي عرض ألمساعده المقدم له و قبل دعوه رفيقه الجديد له علي الغذاء في منزله في ” أزمّور” و هناك في منزل اليهودي المغربي تعرف نبيل علي ” مليكه” اليهودية المغربية و التي بدورها بدأت في احكام شباكها حوله، وحولته إلى تابع مطيع دون أن يشك ولو للحظة في كونها تسعى لاصطياده في خطة محبوكة أعدتها جونايدا صديقته في القاهرة. و بعد فتره عرضت عليه مليكه السفر معها الي باريس حيث الحرية والعمل والثراء فوافق علي الفور، ورافقها إلى هناك، لتبدأ المرحله التانيه من تجنيده حيث اعترفت له مليكه انها مغربية المولد والجنسية و لكنها يهودية تدين بالولاء لإسرائيل و علي الرغم من ذلك لم ينفر نبيل من حقيقتها و استمر علي علاقته بها تغدق عليه بالاموال نظير احاديثه عن عمله السابق في المنظمة الأفرو-آسيوية وعن أشخاص بعينهم يمثلون رموزاً مهمة في المجتمع الدولي، وحدثها عن علاقاته بكبار المسؤولين في مصر، وكانت كل تلك الأحاديث مسجلة بالصوت والصورة.

“باسكينر ”
كان “باسكينر” هو ضابط الموساد الإسرائيلي المكلف بتجنيد النحاس أخذ في بادئ الامر يراقب كل شيء خاص بنبيل ويدرس شخصيته بدقة، إلى أن حانت الفرصة المناسبة فعرفته مليكة به، وقدمته إليه على أنه رجل أعمال إسرائيلي يدير شركة كبرى للشحن الجوي تمتد فروعها في كل القارات، وكان رد فعل نبيل عاديًا للغاية، فهو يسعى إلى المال أينما وجد، وسواء تحصل عليه من يهودي أو غيره لا فرق لديه.

كانت المناقشات بينهما تبدو طبيعية ، ثم بدأ باسكينر يتطرق تدريجياً إلى هويته، وموقف العرب من إسرائيل، واتجاهات الدبلوماسية العربية إزاء الوجود الإسرائيلي في المنطقة. كذلك تطرق إلى عمليات الموساد في البلاد العربية، وكيف أنها تدفع بسخاء لعملائها، وتحرص على حمايتهم إذا انكشف أحدهم، وألمح من بعيد إلى التسجيلات الصوتية والأفلام التي بحوزتهم، والأسرار التي تحويها الاشرطة ، وأنها قد تهلك أصحابها إذا ما وقعت في أيدي المخابرات العربية ، لم يكن نبيل غبياً بالدرجة التي تجعله يجهل ما يرمي إليه باسكينر فاستوعب نواياه ومقصده، وكان تعليقه الوحيد أنه شخصياً يتعاطف مع إسرائيل، وأن تعاطفه هذا عن قناعة تبلورت من خلال قراءاته في تاريخ اليهود، وبذلك اختصر نبيل الطريق الطويل أمام باسكينر، وخطا أولى خطواته الفعلية على درب الجاسوسيه .

أبقى باسكينر مليكة إلى جوار نبيل في المرحله الاولي ، فوجودها مهم للغاية في تلك المرحلة من الإعداد والتدريب، بالإضافة الى أن خضوعه كان مرهوناً بوجودها، إلى جانب آلاف الدولارات التي ملأت جيوبه ،كانت أول دروس نبيل هو كيفية استدراج ذوي المراكز الحساسة للحديث في أمور يصعب تناولها، واستغلال الحفلات والسهرات في الوصول إلى أسرار غاية في الأهمية، إلى جانب ضرورة تزويد الموساد بنسخة طبق الأصل من محاضر مؤتمرات المنظمة الأفرو آسيوية التي سيعود لعمله بها من جديد.

كذلك تم تدريبه علي كيفية قراءة التقارير والأوراق بالمقلوب على مكاتب المسؤولين الكبار عند زياراته لهم، واختزان الصور والرسوم والمعلومات التي يطلع عليها بذاكرته، ثم يقوم بتسجيلها كتابة بعد ذلك، وكيفية مراقبة المواقع العسكرية على الطريق ما بين القاهرة والسويس وكتابة تقارير وافية عنها مهما كانت بسيطه وإرسالها بواسطة الحبر السري إلى أحد العناوين في باريس.

في منتصف عام ١٩٦٠ عاد نبيل إلى عمله بالمنظمة، وكانت وظيفته ساتراً طبيعياً يتخفي وراءه، حتي لا يثير الشبهات ، واستطاع من خلال علاقاته المهمة استخلاص معلومات لا يتوقف سيلها، كانت تصل إلى المخابرات الإسرائيلية أولاً بأول و بعد عامين تقريباً، تم استدعاءه إلى باريس في مهمة عاجلة، حيث كان بانتظاره باسكينر، الذي عهد به إلى ضابط إسرائيلي آخر نقله الي مرحله اخري من التدريب ، و هي كيفية ترويج الشائعات والتأثير سلباً علي الرأي العام من خلال تجمعات الأوساط المختلفة في مصر، كما تم تلقينه بالكثير من أساليب الحرب النفسية، اعتماداً على لياقته و قدرته على الإقناع، إلى جانب ترسيخ فكرة الخوف من الإسرائيليين لدى المحيطين به، و تبين آرائهم تجاه العدو وقدرات الجيوش العربية على المواجهه.

في مرحلة أخرى من مراحل صناعة الجواسيس المحترفين، أُعد له برنامج تدريبي أكثر تطوراً في بيروت، إذ أُخضع لدورة تدريبية بواسطة خبير متفجرات ، فتعلم كيفية صنع المتفجرات وتفخيخ الرسائل والطرود والتخفي والتمويه و الهروب والتنكر تعاون بإخلاص مع الموساد في تهديد الخبراء الألمان، الذين يعملون في المصانع الحربية المصرية لإنتاج الصواريخ والأسلحة المتطورة، بتوجيه الرسائل المتفجرة إلى بعضهم، بالاشتراك مع “وولف جانج لوتز” “الحصان “عميل الموساد الشهير ومع أنه ألقي القبض على لوتز، فإن نبيل لم يتوقف عن نشاطه التجسسي ، واحتل مرتبة الصدارة لدى المخابرات الإسرائيلية في المنطقة، وقام بدور حيوي في نقل أسرار عسكرية وحيوية إلى إسرائيل قبل نكسة يونيو ١٩٦٧.

عام ١٩٦٨ أفرجت مصر عن لوتز في صفقة مع إسرائيل للإفراج عن عدد كبير من أسرى الحرب لديها، وأحس نبيل بالزهو، فالصفقة منحته قدراً هائلاً من الثقة في المخابرات الإسرائيليه التي لا تتخلي عن جواسيسها وعملائها ، إذ تسعى لمبادلتهم وبأي ثمن حماية للجواسيس الآخرين الذين يعملون في الخفاء، اطمأن نبيل علي حياته في حالة سقوطه، فسوف يُبَادل هو الآخر ليعيش بقية حياته في إسرائيل، ينعم بالأمن وبالأموال الكثيرة.

“رحله سفره الي تل ابيب “

أثناء وجوده في أثينا و في غفلة عن الأنظار، اختفى نبيل فجأة من فندق بوزايدون وفي المطار كان متنكراً يحمل جواز سفر إسرائيلياً بإسم شاؤول ياريف قادته سياره الي طائرة العال الإسرائيلية الرابضة على الممر، وعن قرب كان يتبعه رجل آخر لا يبدو أنه يعرفه، إنه باسكينر ضابط الموساد الذي خلق منه جاسوساً محترفاً، وفي مطار بن غوريون كانت تنتظره سيارة ليموزين أقلته الي مكان لا يعرفه سوى قلة من ضباط الموساد الذين استقبلوه بحفاوة بالغة و في مكتب رئيس الموساد “زيفي زامير” كان اللقاء أكثر حرارة، و طلب منه نبيل أن يلتقي بالسيدة غولدا مائير، فصحبه إلى هناك حيث التقى بالسيدة جولدا مائير، التى صافحته بحرارة، وأمرت بتلبية كل مطالبه وأمرت له بمكافأة خاصة قدرها ٢٥ ألف دولار من مكتبها، بخلاف ما سيحصل عليه من أموال الموساد، وبعد ١٦ يوماً فى إسرائيل، عاد نبيل النحاس، إلى أثينا بآلاف الدولارات التى كوفئ بها من إسرائيل والتى زادته حباً فى الخيانة، وعبقرية فى جلب المعلومات.

“السقوط ”
تلقى نبيل رسالة من الموساد تطلب منه معلومات دقيقه عن حركة ميناء الإسكندرية و علي الفور لجأ نبيل إلى أحد أصدقاءه الذى يعمل بالميناء وأغدق عليه بالهدايا الثمينة، التي اثارت شكوك صديقه وادعى جهله بتلك المعلومات ، فوجد إلحاحاً من نبيل بحجة عمله كمراسلاً لوكالة أنباء دولية، ولم يكن نبيل يدرك مطلقاً أن صديقه قد ترسخت بداخله بالفعل الشكوك تجاه نبيل فبادر على الفور بإبلاغ الجهات الأمنية المصرية، و تم وضع نبيل تحت المراقبة الشديدة.

وبعد حرب أكتوبر ١٩٧٣ صُدِم نبيل لهزيمة إسرائيل، و في روما عنفه ضابط الموساد المسؤل عنه واتهمه بالإهمال الجسيم و التقاعس عن إرسال المعلومات الهامه في وقتها فتخوف نبيل من فكرة الاستغناء عن خدماته من قبل الموساد لذلك عاد إلى مصر فى ١٤ من نوفمبر ١٩٧٣ و بنشاط مجنون و غير مدروس أخذ يبحث عن مصادر لمعلومات من شأنها ان تنال رضا مرؤسيه و خصوصا عقب الهزيمه و في غمرة انشغاله بالبحث كانت الأجهزة الأمنية المصرية تتبع كل تحركاته ليتم ضبطه متلبساً بالتجسس فى ٢٤ نوفمبر ١٩٧٣ اي بعد عشرة أيام من عودته من روما.

اقتحمت الأجهزة الأمنية شقته فى القاهرة و تم ضبط أدوات التجسس كاملة و لم يستطع الإنكار وأدلى باعترافات تفصيلية و هو لا يصدق أنه سقط بعد ١٣ عاماً كاملة فى مهنة التجسس، قُدّم إلى المحاكمة وظل لآخر لحظة ينتظر مفاجأة مبادلته و العوده الي اسرائيل، لكن خاب ظنه مع الوقت ينتهي به المطاف بالإعدام شنقاً.

المصادر
كتاب أشهر جواسيس التاريخ ” مجدي كامل ”
كتاب أشهر الجواسيس في الصراع العربي الاسرائيلي ” صلاح الامام “

بقلم Yasmine Youssef

Report

اخبرنا برأيك ؟

201 نقاط
Upvote

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *