الفهرس
ماري بيل الطفلة السفاحة ، حقيقة كارثية حدثت وقائعها في عام 1960 بمدينة أكسفورد البريطانية ، حقيقة واحداث يصعب تصديقها كما يصعب علي العقل استيعابها، ان تكون طفلة قاتلة لم يتجاوز عمرها الـ ١١ سنة قامت بأذية و قتل ضحايا ابرياء من الأطفال ، و قتلت بجريمتيها البراءة المعهودة للطفولة الخالصة ، فطمستها إلى الأبد في نفوس البريطانيين وبخاصة سكان أكسفورد الذين لم يستيقظوا حتى الآن من فاجعة ماري بيل قاتلة الأطفال.
ولادة ماري بيل غير المستقرة
ولدت ماري بيل في السادس والعشرين من مايو سنة ١٩٥٧ بمدينة نيو كاسل ، الام كانت غير مستقرة نفسياً تدعي بيتي بيل ، هذا بجانب اشتغالها بالدعارة كدخل رئيسي لها و تعاطي المخدرات بجميع أشكالها، ارادت امها التخلص منها بمختلف الطرق حتي انها تركتها يوماً لأمرأة عابرة في الطريق.
لم تكتفي بذلك بل حاولت قتلها حسب رواية بعض الشهود من أقاربها و أن يبدو الامر كحادث عرضي مرة بألقاءها من شرفة المنزل و مرة بتقديم اقراص الدواء لها كانها حلوي ، علي الرغم من زواج الام المبكر من رجل يدعي بيلي بيل – ترددت الاقاويل انه ربما كان هو الاب الحقيقي لماري او لا ، الا ان المنزل لم ينعم بالهدوء بل اشتهر الزوج بسوء السلوك و ذاع سيط امتهانه للسرقة و كان يتغيب كثيراً عن المنزل نظراً لمهنته غير الشرعية التي تتطلب منه مراقبة الأماكن التي سيهجم عليها لأيام عدة.
الأم و زوجها في اعمالهم المحرمة كانا يغيبان لاوقات طويلة عن المنزل ، و هذا كان أحد أسباب عدم ارتباطهما و تعارفهما مع العائلات المجاورة لمنزلهما في الحي. و غالباً ما كانت ماري بيل تقضي الليالي الطويلة في المنزل لوحدها و هو المنزل الذي وصفه أحد المحققين في القضية الذي وكلت له و لفريقه مهمة تفتيش المنزل (المنزل لا يمكن أن ترى فيه إشارة للحياة سوى نباح الكلب المتواصل في الحديقة الخلفية للمنزل فألوانه باهتة و موحشة)، هذا كان جانب من طفولة ماري بيل المفككة التي ساعدت علي بروز شخصيتها و افعالها الغير سوية .
اضطراب نفسي منذ الطفولة
نشأت ماري مضطربة نفسياً و ظلت تعاني من التبول اللاإرادي حتي سن العاشرة مما كان يعرضها لنوبات غضب شديدة من جانب الام التي كانت تدفن رأس ابنتها في بقعة البول و احيانا تضع فراشها امام المنزل ليشاهده جيرانهم من الأطفال فيقوموا بالسخرية من الفتاة.
اشتهرت الفتاة بقدرتها علي الكذب و التخريب و المراوغة و افتعال المشاغبات بل و كانت تجيد تقمص الشخصيات و المشاعر المختلفة كما كانت تجيد المناورة و عرض القصص المختلفة التي حُبكت بشكل احترافي لكثير من جرائمها. كانت تحب تعذيب الكائنات العاجزة وقد علقت على ذلك بقولها: (أحب تعذيب كل ضعيف حيث إنني أستمتع دون أن أجد مقاومة تعكر علي صفو ما أقوم به)، هي بالفعل مخيفة فعلى الرغم من شعرها الأسود وعينيها الزرقاوين إلا أنك عند التدقيق فيهما ستجدهما مسلوبتين من براءة الطفولة.
كثير من الأسئلة دارت حول هذه الطفلة النابغة في الشر التي حيرت الكثير من الأطباء النفسيين الذين قاموا بتشخيص حالتها ليكتشفوا بأنهم يتعاملون مع شخصية عبقرية تعاني من مشكلات نفسية عويصة على الرغم من أن الكثيرين متيقنون من أنها تلاعبت بالأطباء أنفسهم حتى أقنعتهم بمرضها المزعوم. لكن ماذا فعلت هذه الطفلة حتى أصبحت واحدة من أكثر الشخصيات المكروهة في بريطانيا.
ماري بيل الطفلة المجرمة
البداية تعود وقائعها عندما دفعت ماري طفل صغير من فوق أسطح احد المباني عندما كانت تلهو معه هي و صديقتها ، لم يتوفي الطفل بل تعرض للأصابة فقط و تم تسجيل الامر كحادث عرضي إلا انه في اليوم التالي تقدم ثلاث امهات بشكوي مدعين هجوم ماري علي فتياتهن و محاوله الاعتداء عليهن.
في نفس العام في الخامس و العشرين من مايو سنة ١٩٦٨ اكتشفت جثة تعود لطفل صغير اسمه مارتن براون ملقاة بجانب نافذة قرب المنطقة الصناعية التي غالباً ما يلعب فيها أبناء الحي حيث يجدون الكثير من الخردة الصناعية كالسيارات والقوارب والمحركات القديمة وعلى الرغم من تحذيرات الأهالي إلا أن هذا المسرح كان ساحة اللعب المفضلة لكثير من الأطفال.
حيث استدرجته ماري و قامت بخنقه ، وجدت الجثة ملقاة على جانبها دون وجود آثار تدل على أنها قضية جنائية فاعتبرتها شرطة المدينة حادث قضاء و قدر ذهب ضحيته هذا الطفل المسكين. لم تكتفي ماري بذلك بل قامت بعد هذا الحادث بعدة ايام بالذهاب الي منزل الضحية و التحدث مع الام الثَّكلَي و السؤال عن الطفل و حينما أخبرتها الام بوفاته ردت ماري انها تعلم و لكنها جاءت لرؤية جسد الطفل المتوفي داخل النعش ، صدمت الام من رد الطفلة و لكنها لم تتوقع ان تكون هذه الطفله هي التي قامت بقتل فلذة كبدها واكتفت بطردها من المنزل .
طبيعة ماري التخريبية دفعتها هي و صديقتها نورما لاقتحام احدي دور الحضانه ليلاً و الكتابه علي جدرانها ( لقد قمنا بقتل الطفل مارتن براون ) الا ان الشرطه اعتبرتها مزحه سخيفه.
ماري بيل وشريكتها نورما
و في الحادي والثلاثين من شهر يوليو من العام نفسه اكتشفت جثة اخري تعود لطفل في السنة الثالثة من عمره اسمه براين و قد وجد مشوهاً بعد أن تمّ خنقه حتى الموت. والعجيب في الأمر أن أخت الضحية و تُدعى بات كانت تبحث عن شقيقها فوجدت ماري بيل مع صديقتها نورما بيل اللتين لا تربطهما أي صلة قرابة يلحان بشدة على أن يبحثا معها عن مكان اختفائه.
وتقول أخت المجني عليه بأنهن قاداها إلى نفس المكان الذي تمَّ فيه اكتشاف الجثة، لكن تهاونت من الذهاب إليه متوقعة بأنه أبعد من أن يصل أخوها إليه لوحده. كما أن الأسئلة الكثيرة والغريبة التي كانت تطلقها ماري شككتها كثيراً حيث تقول: (ظلت ماري تردد على مسمعي الكثير من الأسئلة الغريبة مثل: هل تحبين أخاك؟ هل ستفتقدينه إذا لم يستطع أن يعود إليك؟). وبعد الاكتشاف الرهيب لجثة الطفل وجد بجانبه العديد من الأدلة الغريبة كمقص للشعر وأحد أطرافه لم تكن مستوية كما وجد شعره مقصوصاً وقد رسم على بطنه حرف (N) بالإنجليزية وكان أحدهم قد عاد وعدّل الحرف إلى الحرف (M) وهو ما جعل المحققين يتوقعون أن ماري كتبت الحرف الأول لتوقع بصديقتها نورما التي يرجح أنها قامت بتغيير الحرف في اللحظة الأخيرة.
ظل المحققون تائهين بين ماري و نورما اذ كان من الصعب عليهم ان يصدقا ان تقوم فتاتان في عمر الأطفال بتلك الأفعال.
تم استدراج صديقتها نورما من جانب الشرطة التي اتهمت ماري بيل بتدبير كافة المسائل وبأنها قامت بارتكاب كافة الجرائم، إلا أن المحققين عجزوا عن أخذ اعتراف من الطفلة ماري التي انفجرت أخيراً، لكن باتهامها لنورما بأنها هي المدبرة للمسألة بأكملها. لكن المحققين كانوا متيقنين من أن ماري هي الفاعلة حيث إنها كانت تتمتع بالشخصية الأقوى و كذلك لم تظهر عليها اي علامه من علامات الخوف اثناء التحقيق و لا حتى من لحظة القبض عليها. و في مراسم جنازة براين شاهد أحد المحققين الذي كُلف بمراقبة ماري بيل ابتسامة خبيثة على شفتيها وهي تربت على يديها فصدم لهذا المنظر وقال: (يا إلهي لا بد وأن نقبض عليها في أقرب فرصة قبل تكرار جريمتها).
و في المحاكمة التي لم تستمر سوى تسعة ايام كانت ماري متماسكة تماماً علي عكس صديقتها التي انهارت تماماً و اثارت تعاطف هيئة المحلفين معها ، حُكم على ماري بيل بالسجن المؤبد قضت بدايته في إحداثية خاصة قبل أن تنتقل الي لسجن نسائي لاحقاً متخصص خضعت خلال الفترة بأكملها لعلاج نفسي مكثف و برأت ساحة صديقتها نورما من جميع الجرائم على اعتبار أن ماري كانت المنفذة وصاحبة الأفكار في كافة الجرائم.
وفي العام ١٩٨٠ وفي سن الثالثة والعشرين أطلق سراح ماري بيل التي كانت قد سبق لها الهروب لفترة بسيطة من السجن تورطت خلالها في علاقة غرامية أنجبت منها ابنتها التي كانت تبلغ الرابعة من العمر عند إطلاق سراحها وقد تعرضت للكثير من الضغوطات والمضايقات بسبب ماضيها الأسود والملطخ بالدم حتى حصلت في العام ٢٠٠٣ على أمر من المحكمة العليا بإبقاء هويتها وهوية ابنتها خفية عن أعين العامة. وقد أصدرت كتاباً بعنوان: (إستغاثات غير مسموعة) ولا تزال حتى الآن تأسف على جرائمها وتؤكد على أن صديقتها نورما التي برأتها المحكمة كانت لها اليد الطولى في كافة الجرائم.
اخيراً دعونا نختم هذا المقال بجمله ماري بيل
” Murder isn’t that bad, we all die sometime anyway ”