الفهرس
إنه ذلك الموسيقار الألماني العظيم الذي عُرِف بكونه أصمًّا، فلنتعرف على قصة حياة هذا المُبدع ونكتشف كيف أصبح أصمًّا.
مولد موسيقار
وُلِدَ في ديسمبر عام 1770م بمدينة «بون» بألمانيا. كانت والدته (ماريا ماجدالينا فان بيتهوفن- Maria Magdalena Van Beethoven) ذات أخلاقٍ عالية، وكان والده (يوهان فان بيتهوفن- Johann Van Beethoven) مُغنٍ متوسط بالمحكمة معروف بإدمانه للكحول أكثر من أي مهارةٍ موسيقية يمتلكها، ولكن بالرغم من هذا جده (كابيلمايستر لودفيج فان بيتهوفن-Kapellmeister Ludwig Van Beethoven) لم يكن كذلك، حيث كان رجل بون الموسيقي المرموق والناجح، وكان منبعَ فخرٍ دائٍم للودفيج الصغير.
نشأته
بالرغم من أننا نجد أن موسيقى بيتهوفن مريحة، وبالرغم من أنها تُشعرنا بالرخاء، ولكن مَرَّ بيتهوفن بأوقاتٍ عصيبةٍ حقًا خلال رحلته في تعلم الموسيقى، حيث بدأ والده في تلقينه دروسَ الموسيقى في سنٍ صغيرةٍ جدًا، ولكنه لم يكتفِ بهذا فقط، فكان يتِّبع طرقًا وحشيةً وصارمةً في تعليمِ الصغير، حتى أن بعض جيرانهم شهدوا بأن الصغير كان يبكي أثناء عزفه على الكلافيير؛ حيث يقوم والده بضربهِ كنوعٍ من العقاب إذا تردد أو حتى أخطأ. كان والد بيتهوفن يقوم بجلده تقريبًا يوميًا ويمنعه من النوم، فقط ليحظى بساعاتٍ إضافية للتدريب. وسواء أكان هذا بالرغم من أو بسبب عنف والده وطُرقِهِ الوحشية، كان بيتهوفن موسيقيًّا موهوبًا جدًا منذ نعومةِ أظفاره، وقد أظهر ومضات خياله المبدع اللامعة والتي كان من المعروف أنها ستصل لمكانٍ أبعد من ومضات أي موسيقارٍ آخر قبله أو حتى بعده.
وكانت أولى خطوات تقدم بيتهوفن هي ذاك الحفل الموسيقي الذي أقامه له والده في السادس والعشرين من مارس عام 1778م، وسمي بـ(الابن الصغير ذو الست سنوات – Little Son Of Six Years) بالرغم من أن عمر بيتهوفن كان قد قارَبَ الثمانِ سنوات، وهذا ما جعله يعتقد أنه وُلِد بعد عامين من تاريخ ولادته الأصلي. وبالرغم من إبداع الصغير في الحفل، لكنه لم يحظى باهتمام الصحافة وقتها.
التحق بيتهوفن بمدرسة لاتينية تسمى (تيروسينيوم – Tirocinium)، ولكنه كان يُجهد مع العمليات الحسابية والهجاء، حتى أن بعض المؤرخين استنتجوا أنه كان يعاني من عسر القراءة. وقال بيتهوفن أنه يفهم الموسيقى أسرع من فهمه للكلمات. وفي عام 1781م انسحب من المدرسة حتى يداوم على دراسة الموسيقى مع الموسيقار المشهور (كريستيان جاتلوب نيفيه – Christian Gottlob Neefe). وقد أدرك (Neefe) مدى اختلاف بيتهوفن، ولم يقتصرتعليمه له على الموسيقى فقط؛ حيث علمه أعمال بعض الفلاسفة القديمة والحديثة.
نشر بيتهوفن أول أعماله عام 1782م، وكانت عبارةً عن بعض التغيرات في لحنٍ معينٍ للموسيقار (إيرنست كريستوف دريسلر-Earnst Christoph Dressler). وفي العام التالي كتب (Neefe) عن بيتهوفن: «إذا استمر هكذا، فسوف يصبح وبلا شك (موتزارت-Mozart) الجديد».
في عام 1784م، ساء إدمان والد بيتهوفن للكحول وفسد صوته مما جعله يترك عمله. وقتها تقدم بيتهوفن للعمل كعازفِ أورجن للمحكمة؛ حتى يدعم عائلته ماديًا، وبالرغم من أن عمره كان لا يتعدى الرابعة عشر، إلا أنه قد تم قبوله. وكانت هذه طريقة سَهَّلت له التواصل الاجتماعي مع المزيد من الأفراد.
وكمجهودٍ لتسهيل تقدمه الموسيقي؛ أرسلت المحكمة بيتهوفن لمدينة فيينا عاصمة الثقافة والموسيقى في أوروبا عام 1787م، وبدأ بيتهوفن في تعلم الموسيقى الكلاسيكية. وخلال مكوثه في فيينا قابل بيتهوفن (Mozart) وبدأ يعزف البيانو له، وكان موتزارت يعرف أن بيتهوفن سيصبح شيئًا ما.
عاد بيتهوفن بعد ذلك إلى بون مجددًا بسبب مرض والدته التي توفت بعدها في يوليو من هذا العام. وفي 1792م قرر بيتهوفن أن يعود إلى فيينا مرة أخرى، وفي هذا الوقت كان موتزارت قد تُوفِّيَ تاركًا (جوزيف هايدن-Joseph Haydn) ليصبح أعظم موسيقارٍ في العالم. كان هايدن يعيش في فيينا حين ذاك، وكان بيتهوفن قد قرر أنه يريد أن يكمل تعليمه الموسيقي معه.
بعد ذلك في عام 1795م، أقام بيتهوفن حفلًا طال انتظاره في فيينا في التاسع والعشرين من مارس. وبعدها بفترةٍ قصيرةٍ قَرَّر بيتهوفن أن ينشر ثلاث ثُلاثِيَّات على البيانو ليكونوا أول مجموعة تأليفية له.
في الثاني من أبريل عام 1800م عزف بيتهوفن السيمفونية الأولى له لأول مرة في فيينا. وبالرغم من إخباره أصدقائه أنه كان يشعر بأنه يفقد سمعه، لكنه أصدرَ تحفةً فنيةً في عامِ 1801م أثبتت نضوجه الموسيقي كموسيقار، تلتها تحفةٌ أخرى بفترةٍ قصيرة.
كتب بيتهوفن السيمفونية الثالثة له تكريمًا للفرنسي الذي كان يُعتبر مُحرِّرًا وقتها (نابليون بونابارت – Napoleon Bonaparte)، ولكنه أزاح اسمه عن السيمفونية بعد أن أشهر القنصل الأول إمبراطوريته.
وبينما كان بيتهوفن يؤلف كل هذه الألحان العظيمة، إلا أنه كان يجد صعوبةً في تصديقِ الحقيقةِ المُريعةِ التي كان يحاول إخفائها. إنه يفقد سمعه. حتى أنه وجد صعوبةً في معرفة الكلام الذي يُقال له في المحادثات العادية.
كتب بيتهوفن هذه الكلمات في السادس من أكتوبر عام 1802م: «أيها الرجال الذين تظنون أو تقولون أنني حاقد، عنيد، أو بغيض، كم أنتم مخطئون فهمي! أنتم لا تعرفون السر الذي يجعلني أبدو كما أبدو لكم، ولكنت قد أنهيت حياتي؛ لكن فني هو الشيء الوحيد الذي منعني. وقد بدى لي أن من المستحيل أن أذهب دون أن أُعبِّرَ عن كل ما شعرت به».
وبالرغم من أن سمعه كان يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، كانت الفترة (1803-1812م) هي فترة تقدمه أكثر إلى الأمام؛ حيث أنتج عمل أوبرا، وستة سيمفونيات، وأربعة كونشيرتي منفردة، وخمس رباعيات وترية، وست سوناتات وترية، وسبع سوناتات على البيانو، وخمس مجموعات من التغيرات الملحقة ببعض الألحان على البيانو، وأربع مقدمات موسيقية، وأربع ثلاثيات، وسداسيتان، واثنين وسبعين أغنية.
وفاة بيتهوفن
عام 1826م أصيب بيتهوفن بالبرد، مما عقّد بعض المشكلات الصحية التي كان يعاني منها طوال حياته. تُوفِّيَ في السادس والعشرين من مارس عام 1827م بمدينة فيينا، وقد قيل أن سبب وفاته كان التليف في الكبد.
والآن بعد أن تعرفنا على قصة حياته، ألا تظن -عزيزي القارئ- أنه رجلٌ عظيمٌ حقًا؟
إليك بعضًا من أعماله المشهورة، فلتستمتع بها:
Moonlight Sonata:
Fur Elise:
Symphony No.9: