عاشوراء – حرافيش القاهرة
كان من عادة الحاج الكبير ان يرسل الي قصر عابدين كل عام اثني عشر اردبا من القمح قبل موسم عاشوراء هدية للخديوي اسماعيل حتي يصنع منها العاشورة علي عادة المصريين وردا علي تحية الخديوي لجيرانه في المواسم والأعياد.
فقد كان الخديوي يرسل الي جيرانه في حي عابدين او الي اعيانهم علي الاصح صواني الاطعمة الفاخرة في غرة شهر رمضان وفي ليلة القدر كما كان يرسل لبيوت هؤلاء الاعيان من ابناء البلد الحلوي في عيد الفطر وفي غير ذلك من مناسبات.
وعلي عادة ابناء البلد رأي الحاج الكبير الرد علي الهدية فكان يرسل هذه الكمية من القمح الي القصر كل عام محمولة علي عربة كارو من عرباته التي كان يستخدمها في تجارته.
وكان الخديوي يقبل هذه الهدية الساذجة في سرور ويردها الي أهالي الحي اطباقا من العاشوراء المصنوعة في مطابخه مخلوطة بالجوز واللوز والفستق مع قمح الحاج الكبير.
وكان الاهالي يسعدون بهذه الهدية الخديوية التي تصل الي بيوتهم في اطباق مغطاه بغطاء حريري ثمين.
وكان طبق العاشورة الخديوي من البورسلين الفاخر ويبلغ قطرة حوالي خمسين سنتيمتر وعمق حوالي ٢٠ سنتيمترا. وهو مزخرف متقن الصنع. بل انه من التحف الفنية الرائعة.
ولم يكن الخديوي يسترد الاطباق الفارغة بالطبع. فكان هؤلاء الاعيان يحتفظون بها في بيوتهم ويتباهون بها. ويقول الواحد منهم لصاحبه (هذا طبق الخديوي).
ومع تعدد مواسم عاشوراء كثر عدد هذه الاطباق عندهم وتعدد اشكالها والوانها. ولكنها كانت علي نمط واحد من ناحية الحجم والاستدارة والعمق.
وقد ظل ابناء الحاج الكبير يرسلون القمح الي قصر عابدين كل سنة حتي عهد الملك فؤاد. برغم ان القصر لم يكن يرسل لهم اطباق العاشوراء منذ عزل الخديوي اسماعيل وتولية ابنه توفيق علي العرش.