in

كيميا وقواعد العشق الأربعون

كيميا وقواعد العشق الأربعون

في روايتها “قواعد العشق الأربعون” تتحدث إليف شافاق عن شخصية تبدو ثانوية، إلا أني أراها مهمة جدًا، وتترك أثرًا بالغًا في نفوس القراء، وهي “كيميا” التي يمكن اختصار حياتها في أربعة مشاهد:

المشهد الأول:
تلك الفتاة العادية التي تبدأ حياتها باكتشاف أنها شخصية مختلفة عن إخوتها، فهي لا تخاف من الأشباح، بل تراهم وتطمئن أمها وأختها عنهم، حتى تأتي مصادفة أن يمر على بيتهم رجل ناسك يخبرهم أنها فتاة موهوبة وأنهم يجب أن يذهبوا بها إلى المدرسة، وأنها قد تصبح عالمة يومًا ما، ويدلهم الرجل على جلال الدين الرومي، وتترك البنت أمها التي كانت لا تفكر فيها إلا أنها ستتزوج وتصبح حائكة سجاد محترفة، وتنتقل إلى الرومي لتعيش معه وتتعلم عنده.

المشهد الثاني:
رغم أن الرواية لم تستفض في الحديث عن حياة “كيميا” داخل بيت الرومي، واكتفت من ذلك بإشارات عابرة، لكن يمكن أن نتخيل تلك المكانة التي حظيت بها تلك الفتاة منذ اليوم الأول بين ابني الرومي اللذين كانا يعاملانها كأختٍ لهما، وأًصبحت تتعلم على يد ذلك العالم الصوفي الكبير الذي يأتي إليه الناس من أقاصي الأرض للتعلم منه، وظلت حياتها كذلك (فيما يبدو أنها ابتسمت لها) حتى جاء شمس الدين التبريزي الذي غيَّر حياة جلال الدين الرومي نفسه وغيَّر حياة تلك الفتاة تمامًا.

المشهد الثالث:
“كيميا” تلك الفتاة التي أصبحت الآن حالمة، ترى في شمس الدين التبريزي فتى أحلامها، وترى أثره على أستاذها ومعلمها جلال الدين الرومي، فلا تحلم إلا بأن تتزوجه، يشيرون إليها بأنه رجل غريب، وصوفي ولا يهتم بأمور الدنيا، فترد عليهم بأنها “ستمنحه الكثير من الحب، وتجعله سعيدًا، لذلك يجب أن يتغيَّر، سيتعلم كيف يكون زوجًا صالحًا وأبًا صالحًا”.

لم تكن تعلم أنها ترتكب الأخطاء التي ترتكبها النساء عادةً: الاعتقاد بسذاجة بأنهن يستطعن بحبهن تغيير الرجال الذين يحببنهم.
ولكن ما يحدث على عكس ذلك تمامًا، تتزوج “كيميا” من شمس الدين ولكنه لا يلقي لها بالاً، لا يقترب منها، تسعى إليه.. وتتجمل له فتصطدم برد فعله القاسي تقول:
“كان شمس التبريزي الجريء الجميل المفعم بالحيوية يعرف الكثير عن الحب، ولكن الشيء الذي لم يعرفه هو ألم الحب غير المتبادل”.

المشهد الرابع:
تزوي “كيميا” بعد أن كانت قد اختارت قدرها وتزوجت من الصوفي الجوَّال الذي يملأ الدنيا حديثًا عن العشق والتسامح، ولكنه يعامل زوجته بكل برود! لم تقدر “كيميا” على مواجهة الدنيا، ولا تحمل الألم بعد أن صدها شمس الذي كان حلمًا بعيد المنال.
ربطت “كيميا” حياتها وحلمها بالشخص المبهر الجميل شمس، فلمّا لم يبادلها ذلك الشعور انتهت واستسلمت وماتت.

هذه كانت حالة “كيميا” أو مشكلتها.. فتاة أعطاها القدر فرصة ذهبية، ولكنها أضاعتها بالانشغال بحلمٍ رومانسي بعيد المنال، ثم تركت لهذا الحلم -بعدما اكتشفت حقيقته- أن يدمّر حياتها!
لا تربطي حلمك ولا حياتك بشخص أو مكان، ولا حتى فكرة، كل الأشياء إلى زوال، وحدكِ أنتِ الباقية.
لا تجعلي لأحلامك حدودًا ولا تفرضي على نفسك من عندك قيودًا، بإمكانك أن تكوني أنتِ وتحققين كل ما تريدين في مكانك ولو وحيدة.

Report

اخبرنا برأيك ؟

200 نقاط
Upvote

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *