الشاعر الفارسي فريد الدين العطار
شاعر فارسي من أئمة شعراء التصوف. يعد هو وسلفه مجد الدين سنائي وخلفه جلال الدين الرومي اكبر شعراء الفرس المتصوفين ..شاع ذكرهم وعظمت مكانتهم …وللعطار اربعين منظومة في التصوف كثير منها ينتظم الافا من الابيات وبعضها مفقود ..
هو ابو طالب او ابو حامد محمد بن ابراهيم المعروف بفريد الدين العطار ولد سنة ٥١٣ هجريا في قرية قرب نيسابور وعاش فيها (ونيسابور هي احدي مدن خراسان).
لا نعرف من اخبار هذه الاسرة الا قليلا فابو العطار كان عطارا وورث ابنه صناعته ولقبه (ويقول رضا قلي خان في كتاب رياض العارفين) ان العطار كان كابائه ذا ثراء ومكانه وكان بارعا في الحكمة الالهية والطبيعية وكان له كل حوانيت العطارين في نيسابور…اختلفت الروايات في تاريخ وفاته ..اول التواريخ المروية سنة ٥٨٦ واخرها ٦٣٢ وبينهما تواريخ اخري …
كان ابراهيم العطار ابو الشاعر الذي نؤرخ له من مريدي الشيخ الصوفي قطب الدين حيدر وكذلك نشا فريد الدين مريدا لهذا الشيخ ..خلف اباه في صناعته فصار عطارا ويؤخذ من كتبه انه كان يطب الناس ويعطيهم الادوية وكان يحضره مئات من الناس للعلاج ..ولكنة ترك هذه الصناعه وانقطع للعباده والتاليف والسياحة ..ويروي انه ترك العطاره بعد واقعة كانت بينه وبين احد الدراويش …
وبيقال انه حينما ترك حانوته صحب الشيخ ركن الدين الاكافو وامضي في صحبته اربع سنين ثم ذهب الي مكه وسافر الي بلدان اخري وفي عودته لنيسابور لقي في بغداد الشيخ مجد الدين البغدادي فالبسه خرقة الصوفية…
كان فريد الدين العطار صوفيا ناسكا..عاش زمنا طويلا معتزلا متعبدا متاملا ناظما عقائده واراءه وتجارته ازهد ان يسال الناس المعونه او يقبل من احدهم هبة…ولا شك انه كطلاب العلم من المسلمين في عصره قرا القران وسمع الحديث وتعلم الفقة والكلام وما يتصل به من فلسفة والتاريخ..ولا ريب ان شاعر مثله قد درس الادب وتوسع في درسه ..فكتبه شاهدة بسعة اطلاعة في العلوم الاسلامية والادبية …
قال عن نفسه (لن يري مثلي ما مر من زمان يجري على القرطاس يراع البيان من بحر الحقيقة انثر الدّر الجميل..وختم الكلام علي وهاك الدليل.. لنظمي حاضة عجيبة تزيد معانية كل لحظة) ..
اما راي الناس فيه فقد اجمع كبار الصوفية علي تقديمه ..فجلال الدين الرومي قال العطار باركه واعطاه كتابه اسرار نامه حينما كان صبيا ..ويقول انه من اتباع العطار ويدور في كوكبه وان روح الحلاج تجلت في العطار..والصوفي الكبير عبد الرحمن الجامي صاحب نفحات الانس في تراجم الصوفية يسمي العطار سيد الطائفة ويعظمه ويثني عليه ويشيد بكتبه ويقول ان شعر العطار كان يسمي سوط السالكين يعني انه يدفعهم في الطريق ويحثهم علي الجد فيه …
فالصوفية والادباء يكادون يجمعون علي ان العطار وجلال الدين الرومي اكبر الصوفية من شعراء الفرس وان يكن جلال الرومي ابعد ذكرا واوضح طريقة…
يقول العطار في منظومة (خسرو وكل) ان من الناس من رماه بالثرثره ..ان الذي يعيب امثالي انه ثرثار ولكني عندي معان كثيرة فلا جرم اكثرت القول فلا تسمع ان شئت ..فقد كان العطار مكثر مطيل فالمعاني مكررة في مواضيع كثيرة من كتبه ولكنه فيض التصوف والشعر يخرج من المعني الواحد مئات الصور ..
وعن مؤلفاته فقد عددهم الشاعر ثلاثة عشر كتابا من كتبه ثم قال ثم قال ان عدد ابيات هذه الكتب وكتبه الاخري اربعون كتابا ومئتا الف والفان وستون بيتا….نذكر منهم (اسرار نامه،خسرو نامه، الديوان، جوهر الذات، تذكرة الاولياء ، مظهر العجائب …وغيرها)…
تصوف العطار
لم يشرح العطار التصوف علي خطة واضحة كما شرحه المؤلفون في التصوف ..ولا استقصي مسائله فينها في كتبه فانما هو شاعر يملي او يكتب ما تفيض به عاطفته او وجدانه ..ربما يذكر الشي في صور شتي ويكرره في مواضيع عدة ..وليس بين كتبه حدود واضحة تقسم بينها الموضوعات بل موضعها كلها التصوف..
والعطار صوفيا فهو لا يثق بالعقل كثيرا ولكن لا يجعل العقل عاجزا كل العجز .. فهو غير مجد في المعرفة الالهية فان له صله بالعشق تمكنه من العمل …فالعشق الالهي هو مفتاح التصوف …اي ان العقل يقدر علي العمل في دائرة العشق وهدي الدين ..ولكنة مع هذا لا يستطيع النفوذ الي الجوهر ..ويقول العطار اذا اجتمع العقل والدين والعشق ادرك الذوق كل الاسرار التي يبتغيها الطالب….
العطار والفلسفة / ابغض العطار الفلسفة ..فلم يفعل فعل ابن رشد في التوفيق بين الحكمة والشريعة ولم يرد علي الفلاسفة بعض آرائهم كما فعل الغزالي بل رد الفلسفة جمله وعاب الفلاسفة كلهم ..فيقول كيف تحاوب ان تغرف العالم الروحي بفلسفة اليونان …وقد قابل العطار بين التصوف والفلسفة فقال اعتماد الفيلسوف علي العقل الكلي واعتماد الصوفي علي الامر الكلي ..وان مئة عالم من العقل الكلي تزول في جلال امر الهي واحد والحق ان العقل يستمد وجوده من الامر فلا يستطيع ان يستقل عنه ….
الله تعالي ، العالم ، الانسان /العطار في الصفات الالهية بيتدئ بالصفات الاسلامية التي وصف القران بها رب العالمين ..ولكنه يتكلم عن الرحمة والعفو واللطف اكثر مما يتكلم عن الكبرياء والقهر ..وهذا شان كبار الصوفية فقد سموا الله الحبيب وجعلوا همهم التقرب اليه والانس به والفناء فيه ..وكذلك كان العطار ككبار الصوفية مولعا بالايات القرانية التي تصف الحق سبحانه صفات فيها معني الشمول والعموم وما يقرب من وحده الوجود …
الله والعالم : فالعالم كله عند العطار صادر عن الله ومن الصور التي صور بها العقيده ..فالعالم هو تجلي الله او كالظل الشمس والصورة في المرآه …(وضرب مثلا في منطق الطير قائلا ملكا لم يجرؤ احد علي رؤيته او لقائه..فاراد ان يمكن رعيته من رؤيته فصعد فوق قصره وامو ان توضع مراه علي الارض تجلي فيها وجهه فرأته الرعية)
اما الله والانسان/ فيقول العطار هنا ان روح الانسان من الله ..وصلته بالله أقرب بمن صلته بالعالم …
وللعطار راي في القضاء والقدر فذكرفي اشعاره ابيات كثيره تبين عن اضطرار الانسان الي ما هو عليه من حال وعمل ..وتنفي عنه الاراده والاختيار ..فيقول في كتابه مختار نامه (سلب كل شئ من ايدينادفماذا عسي ان نفعل ..خط سجل حياتنا بالامس ولا يعلم احد ماذا خط ..واسفا ان القلب يتبع ما فدو له فعبث ان نامره..ان ما قدر كائن جهدت ام لم تجهد ..اسلم راسك لما كتب في اللوح المحفوظ واصمت ..فلن يمحو القلم ما خط )…
واخيرا تصوف العطار والاسلام/ فهو في عامة قوله صوفي سني متشدد يلح في تبيين الاتفاق بين الشريعة والتصوف ..ويوصي باتباع الشرع في كل شي ..ويتكلم كثيرا عن الاتصال بين الشريعة والحقيقة ..ويري كما يري غيره من الصوفية ..ان الرسول المثل العلي لصاحب الشرع وللصوفي معا….
بقلم Nihal Mustafa
مقال جميل ولو أنه مختصر ولم يشبع النفس والروح ببعض الاشعار. .
ان شاء الله هيبقي فيه اشعار اكتر في مقالات جاية