ستيفن كينج رائد أدب الرعب : كيف تكون كاتبًا أفضل ؟!
الكاتب الشهير ستيفن كينج الذي تأسر كتاباته ملايين القراء حول العالم ويجني منها حوالي 17 مليون دولار سنوياً، يشارك في مذكراته “عن الكتابة” برؤى قيمة عن “كيف تكون كاتباً أفضل” . ويقول بدون تلطيف لكلماته “لا أستطيع أن أكذب وأقول أنه لا يوجد كتاب سيئون. معذرة، هناك الكثير من الكتاب السيئين”. لا تريد أن تكون واحداً منهم؟ ها هنا 22 نصيحة قيمة حول كيفية أن تصبح كاتباً رائعاً:
- توقف عن مشاهدة التلفاز وعوضاً عن ذلك اقرأ قدر ما تستطيع: يقول ستيفن كينج: “إذا كنت قد بدأت للتو في امتهان الكتابة ، يجب أن يكون تلفازك هو أول شيء تتركه لأنه ‘قاتل للإبداع’. فالكُتَّاب بحاجة لأن ينظروا داخل أنفسهم ويولوا وجوههم نحو حياة الخيال. من أجل ذلك يجب أن يقرأوا قدر ما يستطيعون. ستيفن كينج يصطحب كتاباً أينما ذهب ، حتى أنه يقرأ أثناء الوجبات. ويضيف ” إذا كنت تريد أن تصبح كاتباً فلابد أن تفعل شيئين أهم من كل ما عداهما: تقرأ كثيراً و تكتب كثيراً . اقرأ على نطاق واسع وباستمرار لتستطيع صقل وإعادة النظر فيما تكتبه”.
- كن مستعداً لفشل وانتقاد فوق ما تتخيل أنك تستطيع احتماله: يشبه ستيفن كينج الكتابة بعبور المحيط في حوض استحمامك! ففي كلاهما هناك شك كبير في النجاح. ليس أنت فقط من ستشك في نفسك لكن الأخرين أيضاً سيشككون من قدرتك على العبور. ويقول ستيفن كينج “إذا كنت تكتب _ وكذلك أفترض إن كنت ترسم أو ترقص أو تنحت أو تغني _ فهناك دائماً شخص سيحاول أن يشعرك برداءة ما تفعله ، هذا كل ما في الأمر”. في كثير من الأحيان يجب عليك أن تستمر في الكتابة حتى لو كنت لا تشعر بجدوى ذلك. فيكتب ستيفن كينج” فكرة سيئة أن تتوقف عن كتابة عمل لأنه صعب تعوزه العاطفة أو الخيال.” ويقترح ستيفن كينج أن تبقى إيجابياً حتى أثناء فشلك “التفاؤل هو أفضل رد على الفشل”.
- لا تضع وقتك في محاولة إرضاء الناس: وفقاً لكلام ستيفن كينج ، ردود الفعل الفظة هي أقل شيء يجب أن تهتم به “إن كنت تريد أن تكتب بصدق قدر ما استطعت، فأيامك بوصفك عضو في المجتمع المتحضر معدودة بأي حال”. تعود ستيفن كينج على أن يحمل عار ما يكتبه. خاصة بعد تلقيه رسائل غاضبة تتهمه بأنه متعصب، ومعاد للشواذ، وقاتل، وحتى سيكوباتي. في سن الأربعين أدرك أن كل كاتب جيد اتهم بأن كتاباته مضيعة للموهبة، وطبعاً عانى ستيفن كينج من التهمة بعض الوقت. لذا كتب” إذا كنت ترفض ما أكتبه، لا أستطيع إلا أن أهز أكتافي بلا مبالاة. هذا هو ردي” لا يمكنك إرضاء كل القراء كل الوقت. لذلك ينصحك ستيفن كينج ألا تقلق.
- اكتب لنفسك في المقام الأول: يجب أن يكون سبب كتابتك أنها تجلب لك السعادة والرضا. يقول ستيفن كينج: “كتبت من أجل السعادة النقية في الكتابة. إذا استطعت فعلها من أجل السعادة ستتمكن من فعلها للأبد”. الكاتب كيرت فونيجوت يأتي بنظرية مشابهة “ابحث عن موضوع تهتم به وتشعر في قلبك أن الآخرين سوف يهتمون به” ويكمل ” إنه هذا الاهتمام الحقيقي – وليس قدراتك اللغوية – الذي سيصبح العنصر الأكثر إقناعاً وجذباً في نمط كتابتك”.
- تصد للأمور التي تصعب كتابتها: يقول ستيفن كينج “أهم الأمور هي الأكثر صعوبة في قولها. إنها تلك الأشياء التي تشعر بالخجل منها لأن الكلمات لا تظهر حقيقة شعورك”. معظم الأعمال العظيمة أنجزت بساعات طويلة من التفكير فمن رأي ستيفن كينج أن “الكتابة هي خلاصة الفكر”. عند معالجة القضايا الصعبة تأكد من أن تحفر بعمق. يقول كينج ” القصص مثل الحفريات، يتم العثور عليها في باطن الأرض، مثل الآثار: جزء من عالم لم يكتشف من قبل” والكُتَّاب يجب أن يكونوا مثل علماء الآثار، يستمرون في التنقيب حتى يخرجوا القصة كاملة.
- عند الكتابة، انعزل عن بقية العالم: يجب أن تكون الكتابة نشاط كامل الحميمية. ضع مكتبك في زاوية الغرفة، واقض على جميع المشتتات. من الهواتف إلى النوافذ المفتوحة. يقول كينج ناصحاً ” اكتب والباب مغلق. أعد الكتابة والباب مفتوح”. يجب أن تحافظ على خصوصية كاملة بينك وبين عملك . فكتابة مسودة أولى هو ” شيء بدائي تماماً . هو الشيء الذي أفعله بحرية فقط حين يكون الباب مغلقاً. إنه تعرية القصة. تقف أمامي لا ترتدي إلا الجوارب والسروال الداخلي”.
- لا تكن مدعياً: يقول ستيفن كينج “واحدة من الأشياء السيئة التي يمكن أن تفعلها في كتابتك هو أن تضخم مفرداتك ، وتبحث عن كلمات ضخمة معقدة لأنك تخجل من كلماتك البسيطة” فهو أشبه لديه بارتداء حيوان منزلي أليف ملابس مسائية! فالموضوع سيكون محرجاً للحيوان ولصاحبه، لأنه شيء مبتذل. كما كتب رجل الأعمال الشهير ديفيد أوجيلفي مذكرة لموظفيه ” لا تستخدم أبداً كلمات رطنة مثل اللاقياسية ، إعادة التعريف، المواقفية، حُكمية. لأنها أشبه بآثار حوافر حمار مدعي.” علاوة على ذلك لا تستخدم الرموز إلا عند الحاجة لها . فكما كتب كينج ” الرمزية موجودة للتزيين والإثراء وليس لخلق إحساس زائف بالعمق”.
- تجنب “الحال” و الفقرات الطويلة: “الحال أو ظرف الحال “adverb” مثل ظرف الزمان والمكان ووصف حال مثل ” بهدوء- برفق- غاضباً- حينها- هناك-……” ‘ المترجم’ يركز ستيفن كينج في مذكراته مرات عديدة على النصيحة بتجنب الحال “الحال ليس صديقك” ” الطريق للجحيم مفروش بظروف الحال” ويشبههم بالأعشاب التي تدمر حديقتك . وأسوأ استخدام للحال هو بعد كلمتي “قال و قالت” فمن الأفضل ترك هاتين الكلمتين بدون تزيين. يجب أيضاً أن تنتبه من الفقرات ، فمن الضروري ان تتدفق فقراتك مع ايقاع ودرجة التشويق في قصتك . يقول ستيفن كينج ” معظم الأحيان “كيف تبدو الفقرة” بنفس أهمية “ماذا تقول الفقرة”.
- لا تنشغل كثيراً بقواعد النحو: وفقاً لستيفن كينج ، أهم شيء في الكتابة هو الإغواء وليس الدقة “لا يجب على اللغة أن ترتدي دائماً ربطة عنق وحذاء مربوط ، فالهدف من القصة ليس أن تكون صحيحة لغوياً بل أن تغري القارئ على المتابعة مع الحكاية” فيجب أن نجعل القارئ دائماً ينسى نهائياً أنه يقرأ قصة.
- اتقن فن الوصف: يقول ستيفن كينج “يبدأ الوصف في خيال الكاتب ، ولكنه يجب أن ينتهي في خيال القارئ.” الجزء المهم ليس أن تقول كل شيء، ولكن أن تقوله بأقل الكلمات. ضع تصوراً لما تريد القارئ أن يتخيل، ثم ترجم ما تتصوره في عقلك على هيئة كلمات على الورق. أنت تحتاج أن تصف الأشياء “بطريقة تجعل القارئ يشعر بوخز المعرفة” على حد قول ستيفن كينج. أقصر الطرق لوصف جيد هو الوضوح سواء في المشاهدة أو في الكتابة. استخدم صور عذبة ومفردات بسيطة لتجنب إرهاق القارئ. يقول ستيفن كينج “في كثير من الحالات عندما يضع القارئ القصة جانباً لأنها ‘صارت مملة’ يكون الملل قد نشأ لأن الكاتب صار مسحوراً بقدراته على الوصف فيفقد الصلة بأهم أولوياته وهي الحفاظ على شعرة معاوية بينه وبين قارئه”.
- لا تعطي معلومات في خلفية العمل أكثر من اللازم: يقول ستيفن كينج “عليك أن تعرف أنه هناك فارق بين استخدام معلوماتك في إلقاء محاضرة وبين استخدامه لإثراء عمل أدبي. الأخير جيد، الأول لا” تأكد دائماً أن تضع فقط التفاصيل التي تحرك قصتك للأمام وتقنع قارئك بالاستمرار في القراءة. إذا كنت بحاجة لإجراء أبحاث فتأكد ألا تلقي بظلالها على القصة. يقول ستيفن كينج ” ابعدها في مؤخرة القصة قدر ما تستطيع” فقد تكون منبهراً بما قد تعلمته، لكن القراء يهتمون أكثر بشخصياتك وقصتك.
- اسرد قصصاً عما يفعله الناس في الواقع: يقول كينج “الكتابة السيئة هي أكثر من مجرد بناء جمل مقرفة ورؤية خاطئة. الكتابة الخاطئة تظهر من الرفض العنيد لسرد القصص عما يفعله الناس في الواقع. لنواجه الحقيقة: القتلة يقومون أحياناً بمساعدة العجائز على عبور الطريق” شخصيات عملك هم أكثر من يهتم بهم القراء لذا تأكد من التعرف على جميع الأبعاد التي قد تمتلكها شخصياتك.
- قم بالتجريب ولا تلعب على المضمون: أولا وقبل كل شيء توقف عن استخدام صيغة المبني للمجهول، فهي أكبر مؤشر على الخوف. وكما يصف ستيفن كينج “الخوف هو أصل أي كتابة سيئة” . الق مخاوفك خلف ظهرك، ولا تغادر مكانك حتى تكتب كل ما تريده. “حاول كاتبة أي شيء لعين تريده. لا يهم لو كان مملاً او عادي أو فاحش. إذا نجحت عظيم، وإذا لم تنجح الق به بعيداً”.
- لا تحتاج إلى مخدر لكي تبدع: يقول ستيفن كينج “الفكرة أن الابداع والمهلوسات قرينان هي واحدة من كبرى الأساطير الشعبية في عصرنا” وفي هذه الحالة الكُتَّاب متعاطي المخدرات هم فقط مخدرين “أي ادعاء بأن المخدرات والكحوليات هي لازمة لرهافة حس الكاتب هي هراء معتاد لخدمة مصالح معينة”.
- لا تحاول تقليد كاتب آخر: كما يصفها ستيفن كينج “استهداف كتاب مثل صاروخ كروز” وذلك عندما تحاول تقليد أسلوب كاتب آخر لغرض آخر غير التدريب، وما ستنتجه هو مجرد “نسخة باهتة” لأنه لا يمكن ببساطة تكرار الطريقة التي يشعر بها شخص آخر ولا معرفته بحقائق ما حوله، لمجرد أنك ألقيت نظرة سطحية على مفرداته وحبكته.
- كن مدركاً أن الكتابة هو نوع من التخاطر: “تعتمد جميع الفنون على التخاطر بدرجة أو بأخرى لكنني أعتقد أن الكتابة هي أعلى درجات نقاء التخاطر”. من العناصر المهمة في الكتابة هو إرسال ما في عقلك إلى عقل القارئ. هذا هو عملك الحقيقي وليس كتابة كلمات على الورق. فالكلمات كما يصفها ستيفن كينج “وسيط يحدث عن طريقه ذلك الإرسال”. فونيجوت أيضاً ينصح الكُتَّاب بقوله ” استخدم الوقت الذي سينفقه قارئك في قراءة عملك بطريقة لا تجعل القارئ يشعر أنك اضعت وقته”.
- تعامل مع كتابتك بجدية: “يمكنك الوصول للكتابة من خلال مشاعر عديدة : عصبية- إثارة- أمل- يأس . أي طريقة لتجعلك تكتب لكن بجدية” لأنك إن لم تأخذ كتابتك بجدية ينصحك كينج أن تغلق الكتاب وتبحث عن شيء آخر لفعله. تقول الكاتبة سوزان سونتاج ” يجب على القصة أن تضرب وتراً في داخلي. يجب على قلبي أن يبدأ قصفه حين أسمع السطر الأول في رأسي. وحينها أبدأ في الارتجاف من التجربة”.
- اكتب كل يوم: يقول ستيفن كينج “عندما أبدأ في مشروع روائي لا أتوقف ولا أبطئ إلا حين أكون بالفعل مضطراً إلى ذلك. إن لم أكتب كل يوم فالشخصيات تبدأ في الاضمحلال داخل عقلي ، وأبدأ في فقدان سيطرتي على الحبكة والإيقاع”. عندما لا تتمكن من الكتاب بصورة منتظمة يبدأ حماسك للفكرة في التلاشي. وعندما يبدأ العمل يبدو كوظيفة يصف كينج تلك اللحظة بقوله ” عناق الموت” لذلك فهو ينصح بقوله “على الأقل كلمة واحدة كل مرة”.
- انته من المسودة الأولى في ثلاثة أشهر: يكتب كينج 10 صفحات يومياً، على مدى ثلاثة أشهر يكون قد كتب حوالي 180 ألف كلمة . ويقول” مسودة أي كتاب- حتى الضخم منها- لا يجب أن تأخذ أكثر من ثلاثة اشهر، بطول موسم واحد”. إن كنت تكتب عملك في أكثر من ذلك يعتقد كينج أن القصة ستبدأ أن تشعرك بالغربة عنها.
- بعد الانتهاء من الكتابة ارجع خطوة كبيرة للوراء: يقترح ستيفن كينج ستة أسابيع من الاستجمام بعد الانتهاء من الكتابة. لكي يعود لذهنك الصفاء اللازم لالتقاط أي ثغرات في الحبكة أو تطور الشخصيات. ويؤكد أن التصور الأول للكاتب لشخصية يمكن أن يبدو مختلاً عندما يراه بعين القارئ. يشبه كينج الكتابة والمراجعة بالبستنة ”عندما تكتب رواية كأنك تقضي يوماً بعد يوم في تهذيب الأشجار، وعندما تنتهي يجب أن تعود خطوة للخلف وتنظر إلى الحديقة. وعندما تكتشف أخطاء يحظر عليك أن تكتئب أو تعاقب نفسك. الإخفاق هو شيء يحدث حتى لأفضلنا”.
- كن شجاعاً لتحذف مما كتبت: عند التنقيح يواجه معظم الكتاب وقتاً صعباً أثناء حذف الكلمات التي أنفقوا الكثير في كتابتها ولكن ستيفن كينج ينصح “اقتل أحباءك. اقتل أحباءك. حتى عندما يجرح هذا أنانية قلبك الصغير التافه. اقتل أحباءك”. برغم أن المراجعة من أصعب مراحل الكتابة إلا أنك بحاجة للاستغناء عن الأجزاء المملة لتمنح القصة بعض الحركة. في نصائحه عن الكتابة يقول فونيجوت “لو أن هناك جملة- بغض النظر كم هي عبقرية- لكنها لا تضيء فكرتك بطريقة جديدة ومفيدة، اشطبها بلا تردد”.
- حافظ على زواجك. حافظ على صحتك. عش حياة جيدة: يعزو ستيفن كينج نجاحه إلى أمرين :صحته الجسدية وزواجه مزيج من الجسد السليم وعلاقة مستقرة مع امرأة تعتمد على نفسها ولا تحتاج مني أو من أي شخص أي شيء. هذا ما جعل استمراري في الكتابة ممكن”. يجب أن تحصل على اتزان قوي في حياتك فلا تستهلكها الكتابة بالكامل. يقول الكاتب والرسام هنري ميللر في وصاياه الإحدى عشرة في الكتابة “حافظ على انسانيتك. التقِ بالناس. اذهب إلى أماكن . اشرب إن كنت تريد”
بقلم محمد أحمد خليفة