“حينما كنت أقتل ما كان علي إلا ان أري عيونهم ، بياض عيونهم ، ثم أشعر بهدوء تام و أركز تركيزا شديداً و لا أفكر إلا فيما يتعين علي فعله ..،…… و قد فعلتها ” رافاييل او “رافي آيتان”
ظل لربع قرن تقريباً يعمل نائباً فعلياً لمدير العمليات في الموساد ، لا يتواني عن أداء عمله علي أكمل وجهه حتي و ان تطلب منه الأمر السفر بنفسه لأداء المهمه المطلوبه ” اذا لم تكن جزء من الحل فأنت إذاً جزء من المشكله ” كانت هذه فلسفته التي أختزلها في عبارة واحده
عمليه إختطاف ادولف ايخمان :
كان الناجون من المحارق النازيه هم من بدواء في تعقب مجرمي الحرب النازيين في أعقاب الحرب العالميه الثانية و كانوا يطلقون علي أنفسهم ” نوكامين” اي المنتقمون ، لم يعبأوا بالمحاكمات الشرعيه و إنما كانوا يعدمون كل من يعثرون عليه في طريقهم في عام ١٩٥٧ تلقي جهاز الموساد خبرا صاعقاً تفيد بروءيه ايخمان في الأرجنتين و تم توكيل المهمه لرافي ايتان لما له من صيت ذائع نتيجه لعملياته المتسمة بالدهاء فتم إختياره لمهمه إختطاف ايخمان و إحضاره لإسرائيل لمحاكمته كانت هذه العمليه ستسفر عن عده نتايج بارزه اذا تم أداءها و نجاحها بالشكل المطلوب فهي عمل من اعمال العداله الإلهية بالنسبة لشعب إسرائيل و ستذكر العالم بمعسكرات الموت و الحاجه الي ضمان لعدم تكرار هذا مره أخري كما أنها ستضع الموساد في صدارة أجهزه المخابرات حول العالم اذ كانت المخاطر جسيمه ، فقد كان يتحتم علي الفريق العمل علي مسافه آلاف الاميال بعيد عن وطنه و السفر بوثائق مزوره و العمل في بيئه معاديه حيث كانت تشتهر الأرجنتين انها كانت ملازاً للنازيين ظل رافي منتظراً عامين حتي تم التأكد من أول رصد مبدأي ان الرجل المطلوب يعيش في إحدي ضواحي الطبقه الوسطي في بوينس آيرس تحت اسم ريكاردو كلمتني.
أشترت شركه العال “الخطوط الجويه الوطنية “طائره من طراز بريتانيا خصيصاً من الأموال السريه للموساد و ذلك من اجل رحله الطيران الطويلة الي الأرجنتين يتذكر آيتان الموقف بقوله :
” أرسلنا شخص لشراء الطائرة من إنجلترا و كان الموقف الرسمي ان الطائرة ستقل وفد إسرائيل لحضور احتفال الأرجنتين بمرور ١٥٠ عام علي استقلالها و أنشأنا زنزانه في موءخره الطائرة لاحتجاز ايخمان”
وصل رافي و فريقه الي بوينس آيرس أول مايو ١٩٦٠ ثم توجهوا للاقامه في احد المنازل الامنه السبعة التابعه للموساد أطلق علي احدهما بالعبرية ماعوز اي ” الحصن ” و هو سيستخدم كقاعده العمليه و مسكّن أمن آخر أطلق عليه تيرا اي “القصر” و سيستخدم لاحتجاز ايخمان فيه بعد اختطافه، اما المنازل الآخري فكانت مخصصه لنقل ايخمان في حاله اي مطارده محتملة او ضغوط من جانب الشرطه كما تم استجار ١٢ سيارة لهذه العمليه بدء رافي و فريقه بمتابعة ايخمان متابعه يوميه الذي كان يتنقل بواسطة سيارته المرسيدس ثم بداء باستخدام الباص في تنقلاته، في مساء ١٠ مايو ١٩٦٠ اختار رافي سائقا و اثنان آخران من رجاله و أوكل اليهم مهمه السيطره علي ايخمان عند إدخاله السياره ، و كان أحدهم مدرب علي شُل حركه الهدف اما رافي فقد كان عليه ان يجلس بجوار السائق مستعداً لأي مساعده، كان الموعد المحدد للعمليه هو مساء اليوم التالي ١١ مايو ١٩٦٠ توجه الفريق الي شارع غاريبالدي ، كانت الساعة الثامنه و النصف في الساعة ٨:٥٠ وصل باص و رأوْا ايخمان و هو يهبط منه كان الشارع خالياً من الماره فانطلقت سياره رافي و فريقه خلف ايخمان الذي كان يسير بسرعه وصلت السياره بجوار ايخمان الذي تنبه لوجودها فنظر اليها نظره حائرة كان في نفس اللحظه يتجه نحوه الرجل الخبير المخصص لأداء تلك العمليه الذي تعثر في رباط حذاءه فجاءه لينتبه ايخمان و يحاول الهرب .
اصاب رافي الذهول لوهله فهو قد اتي لهذا المكان البعيد خصيصاً ليمسك بالرجل الذي لعب دورا فعلاً في إرسال ٦ مليون يهودي الي حتفهم ليجد نفسه فجاءه يقفز خارج السياره ممسكا برقبه ايخمان بقوه حتي جحظت عينه و هنا قام رجال رافي بالإمساك بايخمان و دفعه داخل السياره في خمس ثواني وصلوا الي المنزل الأمن علي بعد ثلاثة اميال ثم أشار رافي لايخمان ان يخلع كل ملابسه و راح يتفحص مقاييسه البدنية و يقارنها بتلك التي حصل عليها من ملف جهاز المخابرات الألمانية ss ، كانت واضحاً ان ايخمان ازال الي حد ما وشم المخابرات الألمانية ، الا ان ساير المواصفات كانت تنطبق عليه ، تم ربطه بسلسله الي التخت و تركه ١٠ ساعات، كان رافي يريد دفعه للشعور باليأس ، و قبيل الفجر كان ايخمان في ادني حالاته النفسيه فسأله رافي عن اسمه فذكر اسماً اسبانياً ، ثم ساله مره اخري رافي عن اسمه الألماني ، فذكر له الإسم المستعار الذي استخدمه للهروب من ألمانيا ، فقال له رافي لا أريد أسمك في المخابرات الألمانية ، فأجابه بصوت واضح ادولف ايخمان.
ظل ايخمان مختطف طوال ٧ ايام لا يتحدث مع مختطفيه حتي جاءت لحظه خروجه من الأرجنتين الي اسرائيل، البسوا ايخمان زي موظفي العال ثم أجبروه علي شرب زجاجه كامله من الويسكي الي ان اصبح مخموراً حتي الخدر و أرتدي رافي و فريقه زي الطيران الخاص بهم ثم قاموا برش أنفسهم بنفس الويسكي ، وضعوا قبعه الطيران علي راس ايخمان و وضعوه في المقعد الخلفي ، قاد رافي السياره حتي القاعدة العسكرية حيث كانت الطائرة بريتانيا تنتظر و محركاتها دائره عند بوابه الدخول أشار الجنود الأرجنتينين للسياره بالوقوف و كان ايخمان في سبات عميق في المقعد الخلفي بينما تفوح رائحه الخمر من السياره.
يتحدث رافي عن هذا الامر قائلاً : “كانت تلك اللحظه التي استحققنا فيها جائزه الاوسكار أفضل تمثيل لجهاز الموساد حيث اتقنا تمثيل دور اليهود المخمورين الذين لم يتحملوا الخمر الأرجنتينيه و راح الحرس يضحكون و لم ينظروا الي ايخمان “في الدقيقة الخامسة بعد منتصف ليل ١٢ مايو ١٩٦٠ اقلعت الطائرة بريتانيا علي متنها ايخمان الذي مازال يغط في نوم عميق و بعد محاكمه مطوله رأت المحكمة ان ايخمان مذنب بارتكاب جرايم ضد الإنسانيه و في ١٣ مايو ١٩٦٢ كان رافي في غرفه الإعدام بسجن الرملا ” نظر ايخمان الي و قال : سيحين وقتك لتلحق بي أيها اليهودي فأجابه رافي : ليس اليوم يا ادولف “, تم إعدام ايخمان و أقيم فرن خاص لحرق جثمانه و تم نثر رماده في مساحه كبيره في البحر اذ امر بن جوريون ان لا يبقي له اثر يشجع المتعاطفين علي تحويله الي بطل
كتاب جواسيس في الرمال
الكاتب جوردان توماس