الفهرس
خمسة جرائم هي رصيد جاك السفاح لكنها الابشع
شهدت الضاحية الشرقية من لندن في شهر نوفمبر عام ١٨٨٨ سلسلة من الجرائم الغريبة التي يكتنفها الغموض، خمسة جرائم و خمسة ضحايا جميعهن من فتيات الليل و الساقطات جميعهن قتلن بنفس الطريقة تقريباً ، فقد قطعت حناجرهن و استئصلت اعضائهن و أربعة من هذه الضحايا الخمس تم التمثيل بجثثهن.
تفاصبل الجرائم الخمسة
ماري نيكولس كانت الضحية الأولى وكانت تلقب في مهنتها ببولي و قد وجدت مذبوحة في ٣١ أغسطس ١٨٨٨ وقد وصفت الصحف الجريمة بأنها من أبشع و أفظع الجرائم ، الضحية الثانية كانت تدعى آنا جابمن وعثر على جثتها في ٨ سبتمبر ١٨٨٨ مذبوحة ايضاً و قد مثل بجثتها بصورة فظيعة ، الضحية الثالثة و الرابعة قتلن في نفس اليوم في ٣٠ سبتمبر ١٨٨٨ حيث عثر علي جسد الأولى رجل كان يقود عربته متوجهاً الى العمل ، وقد تم ذبحها من الاذن الى الاذن، تم التعرف عليها و اسمها إليزابيث سترايد اما الجثة الاخرى فكانت كاثرين ادويس بالإضافة الى قطع حنجرتها فقد تم تشوية وجهها بفظاعة حيث كان من الصعب التعرف على هويتها ، كذلك قام القاتل بشق بطنها و قد استخرج جزء من الامعاء و لفه حول رقبة الضحية.
لكن الجريمة الأخيرة فقد كانت الاشد بشاعة و فظاعة و السبب هو ان القاتل وجد فرصة سانحة من الزمن ليعبث بجثة الضحيه كما يشاء فقد وجدت الضحية الخامسة و الأخيرة لسيدة تدعي جين كيلي مقتولة في شقتها في ٩ من نوفمبر ١٨٨٨ ، و هذه المرة لم يكتف القاتل بقطع الحنجرة ، بل قام بفصل الرأس عن الجسد وايضا قام ببقر بطن الضحية ، و استخرج احشائها الداخلية و كبدها وبتر اليد اليسرى بحيث يبقية متصل بالجسد بقطعة جلد و قام بنزع اللحم عن الرجل و الوجة ، الأحشاء الداخليه كانت قد اختفت اما الكبد فقد قام بوضعه بين قدمي الضحية و كان الانف و اللحم موضوعاً على الطاوله و اليد اليمنى قد تم سحبها داخل الجسم حتى المعدة.
دائرة الشكوك حول شخصية جاك السفاح
و بهذه الجريمة الفظيعة إنتهت سلسله القتل فجأه كما بدأت فجأة ، و معها بدأت القضية التي حيرت المحققين و الباحثين لقرن كامل من الزمان، فعلى الرغم من جهود شرطة بريطانيا (اسكتلنديارد) الضخمة التي قامت بها ، لم يتم العثور على دليل واحد حقيقي لاثبات التهمة على شخص بعينه ، كانت هناك الكثير من الفرضيات و النظريات حول شخصية جاك السفاح و لكنها بقيت مجرد احتمالات صعب اثباتها ، فقد كان هناك الكثير من المشتبة بهم اشهرهم هو الدوق البرت فيكتور احد احفاد الملكة فكتوريا ، كذلك هناك السير وليم كول و هو طبيب ملكي و والتر سكرت و هو فنان ايضا جون نيتلي كان يعمل سائقا ، ورجل اخر يدعى جيمز كنت ستيفن كان شاذاً جنسياً و قد اعلن عدة مرات عن كرهه العميق للنساء.
من المتهمين ايضا مونتجو جون دريت محامي فاشل انتحر في نهر التايمز في ديسمبر ١٨٨٨ ، الحقيقة هو ان موته الذي تزامن مع انتهاء مسلسل القتل قد حمله جزء كبير من الشكوك التي حامت حوله ، دكتور روسلن ستيفنسو كاتب و ساحر كان من المتهمين بالجريمة على انه قام بها كضرب من الشعوذة و السحر الأسود ، و قد اشتدت الشكوك حوله خاصه بعد ان اختفى تماما عام ١٩٠٤ ، ومن المتهمين الاخرين رجل يدعى توماس نيل و الذي صرخ على منصة الاعدام في الولايات المتحدة الامريكية “انا جاك” قبل ان يقطع حبل المشنقه جملته.
حل لغز جاك السفاح بعد قرن من الزمان
في الحقيقة ظلت الشكوك تحوم حول العديد من المشتبة فيهم حتي ظهر اخيراً حل لغز إحدى أكثر الجرائم غموضا عبر التاريخ ، فقد أكدت صحيفة “دايلي ميل” أن السفاح الذي قتل خمسة نساء في شوارع لندن خريف ١٨٨٨ بمنتهي الوحشية هو مهاجر بولوني يدعى “هارون كوسمينسكي”. وتستند الصحيفة إلى الأبحاث التي قام بها رجل الأعمال البريطاني “روسيل ادواردز” حيث لجأ إلى خدمات خبير مخضرم في الجينات و متعاون مع الأنتربول ، لتحليل أثار عينتين من الجينات وجدتا على منديل إحدى الضحايا.
يحكي “روسيل” انه رأى المنديل الغارق بالدماء أول مرة في مارس ٢٠٠٧ معروضا للبيع في المزاد، واشتهر المنديل بأنه وجد إلى جانب إحدى ضحايا “جاك السفاح” ، وكانت الضحية هي “كاترين ادويز” ، وأكد له مالك المنديل هذه المعلومة وهو حفيد أحد رجال الشرطة الذين تواجدوا في مكان الجريمة . وأضاف الحفيد أن جده “اموس سيمبسون” أخذ قطعة الثوب ذات اللونين البني والأزرق ليعطيها لزوجته الخياطة، لكنها بقيت مهملة حتى دون أن تغسل، وانتقلت من جيل إلى آخر.
نشكك أغلبية المختصين سنة ٢٠٠٠ في اصل و مصدر المنديل، لكن رجل الأعمال الهاوي لحل الألغاز لاحظ رسومات أزهار ترمز إلى العيد المسيحي “سان ميشيل”، الذي يحتفل به الاورثوذوكس في الثامن من نوفمبر، وباقي المسيحيين في ٢٩ من سبتمبر و هما التاريخين اللذين قتلت فيهما ثلاث ضحايا. فعاد المحقق الهاوي إلى شخصيات المتهمين الستة ، ولفت انتباهه اليهودي البولوني “هارون كوسمينسكي” الذي فر من النظام الروسي سنة ١٨٨٠ واستقر مع عائلته في احد ضواحي لندن، حيث يدل سجل استقباله أنه حلاق مقيم في “وايت تشابل”.
تبين للمحقق من خلال الوثائق أنه كان شخصا غير طبيعي : “من المؤكد أنه كان مصابا بمرض نفسي خطير في الغالب انفصام في الشخصية أو بارانويا وكان يعاني من هلاوس سمعية وبصرية”. وصرح “الان ماكورماك” المسؤول عن المتحف الذي خصصته سكوتلانديارد لجرائم “جاك السفاح”، أن الشرطة لم تكن لديها الأدلة الكافية لإدانة “كوسمينسكي”، لذا احتفظت به تحت المراقبة ٢٤ ساعة قبل أن تودعه في مستشفى للمرضى النفسيين إلى أن توفي. وتمكن الخبير “جاري لوهيلينن” بواسطة كاميرا الأشعة تحت الحمراء من اكتشاف آثار و بعض من خلايا الكلي التي تعود للضحية و تأكد من ذلك بفضل مساعدة إحدى حفيداتها.
كما سمحت إحدى حفيدات أخت “كوسمينسكي” بأخذ عينة من جيناتها لكشف هوية “جاك السفاح”. وعلق “روسيل” بعد اكتشافه الخطير: “أنا منبهر لأنني تمكنت من حل اللغز بعد ١٢٦ عاما”
النسوية ومطالبة باغلاق المتحف
في ذات الوقت طالب عدد كبير من نساء بريطانيا بإغلاق متحف جديد تم افتتاحه مؤخرا في لندن، وتطالب النسوة بإغلاق المتحف فورا بسبب إشادته بتاريخ القاتل “جاك السفاح” المعروف بـ “Jack The Ripper” الذي اشتهر في أواخر القرن التاسع عشر في عهد الملكة فكتوريا، يقع المتحف الجديد في شرق لندن بالقرب من منطقة وايت شابل المعروفة تاريخيا بشوارعها الضيقة والفقيرة التي انتشرت فيها الدعارة والجريمة في القرن التاسع عشر.
أثار المتحف انتقادات واسعة من سكان الحي وخصوصا من النساء اللواتي رفضن فتح المعرض لأنه يعيد ذكريات أليمة لسكان لندن ويشيد بمجرم وسفاح تفنن في قتل النساء والتنكيل بجثثهن. صاحب المتحف يدعى مارك بالمر ايدجكومب لم يظهر في الحي ولكنه دافع عن مشروعه الذي اعتبره مشروعا ثقافيا يهدف الى الاحتفال بمرور مائة وخمسين عاما عن دور المرأة اللندنية و مساهماتها الايجابية في بناء العاصمة لندن، لكن ماتشاهده داخل المتحف لا يمت بصلة بتلك المساهمات بل يظهر الوجه القبيح للسفاح وضحاياه من النساء.
وعدت الجمعيات النسوية المعارضة للمشروع بالاستمرار في الاحتجاج والتظاهر ومنع المتحف من فتح ابوابه للزوار.