الفهرس
وجهه كان غلافاً لكثير من المجلات وبرامج الشرطة الواقعية لما تحمله هذه الشخصية من عينين هما خلاصة الشر والحقد، وهي شخصية (تشارلز مانسون) القائد الروحي لعائلته المجرمة.
بداية تشارلز مانسون
قبل أن نبدأ في الكلام عن شخصية السفّاح تشارلز مانسون لابد أن نوضح أنه لم يقاضَ يوماً بسبب جريمة قتل مباشرة بل حوكم بدلائل ظرفية ومادية مختلفة أدت إلى إدانته على الرغم من يقين المحققين والقضاة بتسببه في قتل وذبح عشرات الأشخاص، بالطبع شخصية مثل تشارلز مانسون لم تكن لتحظى بالحياة المثالية أبدا فقد ولد تشارلز ميلز مادوكس (وهو اسمه الحقيقي) من أم شابة تبلغ من العمر ١٧ سنة فقط تدعى كاثليين مادوكس، وقد عرف عنها مجونها كمدمنة لشرب الكحول وامتهانها الدعارة كوسيلة للرزق. وبعد فترة قصيرة تزوجت أمه ولم يدم زواجها طويلاً حتى قامت بإيداع ابنها إحدى المدارس الخاصة للبنين التي لم يستمر فيها طويلاً حتى هرب خارج أسوارها قاصداً أحضان أمه الضائعة.
حياة مانسون في الطفولة لم تكن حياة عادية بجميع المقاييس، فكونه ابن غير شرعي لرجل سكير وامرأة إباحية دخلت السجن بسبب عملية سطو مسلح ، في الوقت لم يكن ابنها تشارلز تعدّى الثالثة من العمر، هذا السجل الحافل لامه جعله يسلك مسلك الإجرام المبكر ، فعندما بلغ سن الثالثة عشر ارتكب جريمته الأولى، فقام بالسطو علي محل بقالة، واستمر بعد ذلك مسلسل جرائمه الذي كان معظمه بعيداً عن العنف بأستثناء ممارسة فعل فاحش في عام ١٩٥٢، ضد صبي أصغر منه سناً تحت تهديد السلاح، وأمضى لذلك معظم سنوات شبابه في مؤسسات إصلاحية.
تأسيسه لجماعة العائلة
بعد إمضاء عشرة أعوام خلف القضبان بسبب محاولته صرف شيك مزور وفي الحادي والعشرين من مارس ١٩٦٧ ، وعندما أشرف على استكمال مدة العقوبة، توسل تشارلز مانسون إلى مسؤولي السجن كي يبقوه فيه، لأنه أصبح منزله الوحيد الذي يعرفه، ولكن بالطبع لم ينفذ طلبه، وأطلق سراحه، فتوجه إلى مدينة سان فرانسيسكو واستطاع خلال أشهر معدودة أن يستقطب حوله أفراد عائلته، وقام بنشكيل جماعة منهم ومن غيرهم تمارس الحفلات الخلاعية وتتناول حبوب الهلوسة وتقوم بتنظيم رحلات جماعية لتعاطي المخدرات، وكان يلقي بتشارلز مانسون الكثير من المحاضرات حول موسيقى البيتلز، ومع اقتراب موعد شن معركته الفاصلة مع المجتمع، والتي أطلق عليها عبارة ليس لها معنى هي «هيلتر سكلتر».
وكان مانسون يتمتع بسيطرة قوية على أفراد «العائلة»، ويملي عليهم كل شيء، من أدق الأمور إلى أكبرها، وكان أفراد «العائلة» يرون فيه نوعاً من القدسية، ويعتقدون بأنه يتمتع بصفات مشابهة لصفات السيد المسيح، وهي صورة حرص مانسون على تشجيعها. وعقب الطواف في الغرب الأميركي بواسطة حافلة مدرسة قديمة على مدى ثمانية عشر شهراً استقرت «العائلة» أخيراً، في عام ١٩٦٩ في مساكن متفرقة في مزرعة خربة ومهجورة في ضاحية «سيمي هيلز» في الشمال الغربي من مدينة لوس أنجيلوس، تعرف باسم مزرعة «سبان»، وهناك عكف مانسون على وضع اللمسات الأخيرة على خطته الجهنمية لتفجير المعركة الأخيرة.
انطلاقة تنبؤات مانسون المرعبة
كان مانسون حاقدا على مجتمعه الذي كان قد أدار ظهره له في شدة عوزه له وأراد الانتقام، فجمع حوله أشد أتباعه ثقة وشراسة للقيام بخطته الأولى، وكانت في العام ١٩٦٩، وكان أول سلسلة الضحايا ضيوف لمنزل المخرج الشهير رومان بولانسكي، وكان من بين القتلى زوجته شارون تايت التي كانت وقت وقوع الجريمة في شهر حملها السابع.
ومن ثم أمر مانسون في اليوم التالي بالقيام بهجوم دموي آخر هذه المرة على منزل الزوجين لينو لابيانكا وزوجته روز ماري. وعندما تفحص المحققون مسرح الجريمة الأولى تبين لهم أن القتلى خلوا من السيد رومان بولانسكي الذي كان وقتها في العاصمة البريطانية لندن لتصوير فيلمه الجديد ولم يجد المحققون أي دليل لاشتراك مانسون في عمليات القتل تلك، ولكنهم كانوا على يقين بأنه كان يترأس العملية ويطلق إرشاداته لوحوشه في عمليات قتلهم.
وكان أغلبهم قد قتل طعنا بالسكين أو بالرصاص ومن بينهم السيدة تايت التي قتلتها سوزان اتكينز التابعة لمانسون حيث قالت لتايت وهي تطعنها في بطنها (انظري أيتها السافلة أنا لا ملك أي رحمة لك وأنت الآن ستموتين وعليك أن تعتادي على ذلك).وبعد ذلك قاموا بفعلتهم الثانية بالزوجين لينو لابيانكا وروز ماري. ولبيان فظاعة ما قاموا به وجد المحققون واحدة من الضحايا قد سحبت نفسها للخارج فينتبه لها القتلة ويطعنونها حوالي ٢٨ طعنة في الصدر والظهر لتلفظ أنفاسها بوحشية غير مشهودة من قبل.وأسماء القتلة المختارين من قبل مانسون هم تشارلز واتوسن، وسوزان واتكينز، وباتريشيا كرينوينكيل، وليندا كازبيان. والأخيرة كانت قد افلتت من عقوبة السجن بعد أن منحت الحصانة لموافقتها في أن تكون شاهدة رئيسية للقضية.
وكانت جرائمهم على قدر كبير من العنف والبشاعة فلم يتركوا طفلا ولا فتاة ولا عجوزا إلا وقتلوهم جميعاً. كما كان هناك عدد من المشاركين في هذه الجرائم لا يتسع المجال لذكرهم لكن سنبقي على ذكر أهمهم.وكانت الشرطة قد قبضت على المجرمين في نفس الليلة بتهمة أخرى ليس لها علاقة بجرائمهم التي قاموا بها بل لعبثهم بالممتلكات العامة، ولولا اعترافات اتكينز داخل الزنزانة التي كانت في حالة ذهنية غير مستقرة غالباً وهي الوحيدة من بين القتلة التي أكدت على عدم ندمها في جرائمها التي قامت بها وأنها مستعدة لتكرارها متى ما طلب مانسون ذلك منها.
بدأت المحاكمة الكبيرة التي شهدها معظم العالم سنة ١٩٦٩ في الثامن عشر من شهر نوفمبر، وتوصلت في نهايتها بأحكام الإعدام على القتلة باستثناء كازبيان التي كانت شاهدة ومتعاونة مع الشرطة والمباحث الفيدرالية خلال المحاكمة، ومن المصادفة أن ولاية كاليفورنيا قد منعت أحكام الإعدام في الولاية وأسقطتها عن كل المحكومين السابقين ومنهم بالطبع المتوحش مانسون الذي ينتظر الإفراج عنه خلال الأيام القليلة المقبلة، وهناك احتمال، وإن كان ضئيلاً، أن يكون قد تم إطلاق سراحه وأنت تقرأ هذه الصفحات.