في احد الايام في القرن التاسع عشر يقف دوبلر العالم الفيزيائي الشهير شارد الذهن عند محطة القطار بانتظار القطار الذي سوف يستقله، كان شاردا في معضلة من اهم المعضلات الفيزيائية في ذلك الوقت، معضلة عجز عنها علماء الفيزياء والفلك في كافة انحاء العالم، معضلة اطلق عليها فيما بعد اسم (الانزياح الاحمر) انها مسالة تتعلق بالموجات القادمة الينا من النجوم والكواكب حيث يحدث تمدد لهذه الموجات فينزاح طيفها نحو الاحمر ومن هنا جاءت تسميتها ولكن حتى ذلك الوقت لم يعلم العلماء لهذا سببا وهذا ما كان يشغل اعظم العقول في ذلك الوقت.
واثناء شروده جاء قطار مسرع نحو المحطة وعندما اصبحت المسافة بين القطار والمحطة 30 م اطلق صفيره المميز الذي كان عاليا وصاخبا لدرجة ان دوبلر انتفض من مكانه رعبا، ونظر ناحية القطار الذي توقف امامه في المحطة ولكن للأسف لم يكن هذا القطار الذي سوف يستقله دوبلر، فعاد الى شروده ومحاولاته لحل معضلة الانزياح الاحمر، وعندما حان الوقت انطلق القطار من المحطة وكالعادة بعد ان تجاوز مسافة 30 م اطلق صفارته المميزة ولكن هذه المرة كان الصوت عاديا وليس مزعجا ومع ذلك فقد انتفض دوبلر للمرة الثانية ولكن هذه المرة اعطته صفارة القطار الحل لمعضلة حيرت علماء الفلك والفيزياء لأكثر من 70 عاما لقد استطاع اخيرا حل معضلة الانزياح للأحمر.
لقد توقف دوبلر مفكرا ما الذي حدث، لماذا كان صوت القطار في المرة الاولى مزعجا وعاليا وفي المرة الثانية كان طبيعيا؟؟ مع ان المسافة لم تختلف والصوت لم يختلف ودرجة الصوت لم تختلف والعوامل هي ذاتها فما الذي حدث فعلا لهذا الاختلاف الجوهري بين الصوتين؟؟
ان هناك عامل واحد تغير في المعطيات هل خمنتم ما هو؟؟ فعلا انه الاتجاه ففي المرة الاولى كان اتجاه الصوت والقطار ناحية دوبلر وفي المرة الثانية كان اتجاه الصوت والقطار عكس اتجاه دوبلر وهذا سبب اختلاف صوت القطار في المرة الاولى عن الثانية، وهو ذاته سبب اختلاف الموجات القادمة الينا من النجوم وانزياحها نحو الاحمر.
هذا الاكتشاف العملاق اطلق عليه اسم تأثير دوبلر او ظاهرة دوبلر وهو باختصار شديد (التغير في التردد او الطول الموجي نتيجة لحركة المصدر مقتربا او مبتعدا عن المستمع)، هذا الاكتشاف الضخم ساعد العلماء بعد اكثر من 100 عام على اثبات ان الكون يتمدد فعند قياس الموجات القادمة الينا من المجرات البعيدة استطاع العلماء اثبات ان المجرات تبتعد عن بعضها البعض وان الكون يتمدد حيث تقريبا كل الموجات التي وصلت الينا كان انزياحها للأحمر وهذا يعني تمدد في الموجات نتيجة ابتعاد الجسم المصدر لها عن مجرتنا او كوكبنا.
كما كان لهذا الاكتشاف الفضل الكبير في مساعدتنا على التنبؤ بأحوال الطقس وساهم بشكل كبير في اكتشاف تقنية تصوير الاجنة في رحم الامهات.