بائع البلغ – حرافيش القاهرة
كان بائع البلغ يمر في الشارع علي دكاكين المعلمين وقد حمل خرجه علي كتفه وفي يده زوج من هذه النعال يصفق بهما وهو سائر في الطريق ويصيح قائلا بلغ … بلغ…
والبلغة نعل مغربي وقد انتشر في مصر من قديم الزمان ولعلها جاءت مع المعز لدين الله الفاطمي عندما أقام دولته وانشأ مدينة القاهرة.
وفي العصر الحديث استوطن المغاربة حارة الفحامين في الغورية واصبحت البلغ وتجارتها تتركز في هذه الحارة. وكانت البلغ تصنع من الجلد الابيض والاسود والاصفر. وكانت النساء يلبسن البلغ السوداء. والرجال يلبسون البلغ الصفراء اما البلغ البيضاء فقد كان يلبسها العياق من اهل القاهرة.
كان بائع البلغ يستبدل البلغة القديمة بواحدة جديده ويأخذ فرق الثمن. ولا ادري حتي الان ماذا كان يصنع بالبلغة القديمة. ولكن هناك أشياء محيرة في حياة المجتمع المصري.
والذي اثارني ولفت نظري هو صناعة المراكيب الحمراء التي كان يلبسها أهل النوبة والسودان. وكنت شديد الاعجاب بشكلها الذي يشبه القارب الجميل فهي مدببه مرفوعة من الامام. كما انها مثلثة في ارتفاعها بعد الاستداره من الخلف. ولونها الاحمر المتميز بالغ الروعة.
اما صانع المراكيب السودانية فكان يجلس علي كرسي منخفض وامامه قرمة كبيرة مثل قرمة الجزار وكان يدق نعل المركوب علي هذه القرمة بشاكوش حديدي ناعم علي راس شبة مستديرة ثم يقوم بخياطة الجزء الجلدي الاحمر في النعل بخيط قوي ويضغط علي النعل بشاكوش اخر يسخنه في النار. والمركوب صلب البنية جلدا ونعلا.
وعن السعر كان الجميع يشترون منه ويدفعون الثمن بلا مناقشة. وقد كان اهل السودان واهل النوبه يحملون هذه الخصائص التي تدل علي الامانه التي اشتهروا بها.
ومنذ سنوات حاولت الحصول علي مركوب من هذه المراكيب الحمراء فلم اجده في مصر او في السودان او في بلاد النوبة. وقد اندثرت هذه الصناعة.
حرافيش القاهرة / عبد المنعم شميس
بقلم Nihal Mustafa
جميل
جميل